يكن له سعة حتى يشمل حال انتفاء قيده، فيحصل بواسطة ضيق الحكم ضيق للموضوع أيضا، بمعنى إنه يحصل للموضوع قصور في شموله لحال عدم القيد، فلا يكون الحكم حينئذ معروضا للوجوب بقول مطلق حتى في حال عدم وجود قيد الحكم، فما كان موضوعا للحكم حينئذ وهو وجوب إكرام زيد إذا جاء مثلا هو ذات زيد عاريا عن تمام القيود، فإن قيود الحكم ليست راجعة إلى الموضوع بوجه من الوجوه، نعم تارة يكون الضيق والقصور في ناحية الموضوع ابتداء، فيحصل الضيق في ناحية حكمه بالتبع عكس ما تقدم، مثلا إذا أمر بإكرام العالم العادل فيكون الموضوع حينئذ بذاته قاصرا عن شمول العالم الفاسق، فالقصور هنا في الموضوع بخلاف الصورة الأولى فإن القصور في الحكم لا في الموضوع، أولا إذ ليس في ناحية الموضوع قصور بوجه من الوجوه إذا علم ذلك، فقول إنه إذا ثبت حكم في الشريعة السابقة بنحو كلي سواء كان بنحو الطبيعة السارية أو العموم الاستغراقي، واحتملنا أن ذلك الوقت له دخل في ثبوت الحكم للاشخاص بحيث ينتفي الحكم بانقضاء زماني النبي السابق، فيوجب هذا الاحتمال قصورا في ناحية الحكم، فيقطع إنه لا قصور في ناحية الموضوع ولا تقيد له بشئ مفقود في أهل الشريعة اللاحقة، وإنما القصور المحتمل في ناحية الحكم إما من جهة اقترانه بالمانع، أو من جهة فاقديته للشرط، فإذا ثبت الحكم على هذا النحو من الموضوع، فيشك حينئذ في إن هذا الحكم قاصر الشمول لهذه القطعة الأخيرة من الزمان المتأخر أم لا، وحينئذ فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه لان شأن الاستصحاب جر الحكم المعلوم الثبوت سابقا والمشكوك لا حقا إلى العلم بالخلاف، فكان الشك فيه من جهة الشك في الرافع، أو في انتفاء القيد والشرط، وبالجملة إذا لم تكن قيود الحكم راجعة إلى الموضوع فيكون المرجع حينئذ إن الحكم الذي كان من أول الامر ثابتا للطبيعة السارية هل كان موقتا بوقت مخصوص أم لا، بل كان مطلقا وسيع الدائرة ثابتا لا هل الشريعة اللاحقة أيضا، وفى المقام يرجع إلى الاستصحاب، فإن شأنه إسراء الحكم إلى حال عدم القيد الاحتمالي، فتحصل إنه على المبني المختار من عدم رجوع قيد الحكم إلى الموضوع لا قصور في الموضوع، وإنما القصور ناشئ من قبل الحكم، فشأن الاستصحاب ومقتضاه إن
(٣٤٨)