تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٥٣
من مغائرة الموضوعين، هذا بناء على القول بجعلية الحكم، وأما على المختار فالاستصحاب وإن كان لا بأس به إلا إن إطلاق القضية الحقيقية لا مجال له، وبالجملة إن في الصورة الأولى من الصور الثلاثة المتقدمة لا يتصور وجه لجريان الاستصحاب في الحكم المجعول للافراد الموجودة حين الانشاء إذا انعدموا بأجمعهم، فإنه يقطع بعدم بقائه بارتفاع موضوعه، نعم يمكن في المقام أن يقال إن المكلف المدرك للشريعة السابقة الموجود حين الانشاء للشريعة اللاحقة، إذا شك في بقاء الحكم بالنسبة إليه يستصحب الحكم، وبعدم القول بالفصل وبدليل الاشتراك يحكم بكون ذلك الحكم ثابتا بالنسبة إلى الاشخاص الذين لم يكونوا موجودين حال الانشاء، ولكن يدفع ذلك بأن الملازمة ودليل الاشتراك إنما يدل على المساواة في الحكم الواقعي، لا الأعم منه ومن الظاهري، نعم يمكن فرض وجه جريان الاستصحاب التعليقي في الصورة الثانية مطلقا، بتقريب إن الشاك الموجود فيما بعد صدور الخطاب في الشريعة السابقة لو كان موجودا حينه لكان تحت الحكم ومشمولا له، فباستصحاب الحكم المعلق يحرز إنه محكوم بذلك الحكم، نظير استصحاب الحرمة على تقدير الغليان لماء الزبيب، فكما إنه يجري الاستصحاب في الحرمة المغلقة على غليان ماء العنب إحراز لحكم ماء الزبيب عند غليانه بالفعل في المقام، فإن هذا الشخص لو كان موجودا في الشريعة السابقة لكان مشمولا للخطاب وداخلا تحت الحكم يقينا، والآن يشك في إن الحكم كان مختصا بذاك حتى لا يكون ثابتا بالفعل في حق المكلف به تقديرا أم لا، فيستصحب الحكم التقديري، فلو أغمضنا عما أوردناه وأورد على الاستصحاب التعليقي فلا مانع في هذه الصورة عن جريان الاستصحاب، فتستصحب الملازمة أو الحكم المعلق بناء على القول بجعلية الاحكام، وأما على المختار فالاستصحاب التنجيزي جار أيضا كالتعليقي على ما تقدم، والتقييد في المقام راجع إلى التعليق لا المعلق عليه، وبالجملة بعد الفراغ عن صحة الاستصحاب التعليقي كما هو المختار، فلا قصور في جريانه في المقام أيضا من دون الاحتياج إلى الاستصحاب التنجيزي بالنسبة إلى القضايا الكلية، وأما الاشكال الثاني من الاشكالين الواردين على الاستصحاب بالنسبة إلى الشرائع اللاحقة هو دعوى العلم الاجمالي بالنسخ، وقد أجيب عنه بدعوى الانحلال،
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»