تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٥٩
بيده وضعا ورفعا في مقام التشريع وهي الآثار الشرعية دون العقلية والعادية، لا يبقى وجه لدعوى حجية المثبت، فإن ما ليس له أثر شرعي ولكنه ملزوم أو ملازم الأثر كذلك لا يندرج في دليل الاستصحاب أصلا، بل لا يعقل فيه ذلك، وأما إذا انتهى أمر الشئ إلى الأثر ولو باعتبار لازمه المترتب عليه بعشرين واسطة، فلا وجه لنفي معقوليته إذ من الممكن أن ينزل الشارع ملزوما لشئ من حيث ملزوميته من هذه الحيثية بتوسعة هي عين توسيع اللازم الذي هو ملزوم لا مرتب عليه الأثر شرعا، فتنزيله للملزوم الأول عين تنزيل الملزومات المترتبة التي أخرها موضوع للأثر وتنزيله عين جعل المماثل لاثره، وبالجملة مالا يعقل صدوره من الشارع هو تنزيل الشئ بلحاظ آثاره الخارجة عن دائرة تشريعاته بدوا وختما، وأما ما ينتهي الامر فيه إلى الأثر المجعول فلا مانع من تنزيله بلحاظ ذلك الأثر المترتب عليه، ولو بوسائط كثيرة، وهذه الدعوى كما ترى قابلة للاندفاع بادعاء انصراف الدليل إلى صورة كون التنزيل بلحاظ الأثر الشرعي المرتب على المستصحب بلا واسطة، وأما على تقدير كون التنزيل على عهدة المكلف فلا يجدي الانصراف المدعى في مقام منع حجية المثبت، إذ لقائل أن يقول بعد تسليم الانصراف إن البناء على بقاء الحياة الملزوم لنبات اللحية الملزوم لوجوب الانفاق المقتضى للتصدق والاعطاء من حيث ملزوميته كل سابق للاحقة على البناء على بقاء الوجوب وثبوته الفعلي، فالتعبد بالنبات أثر للتعبد بالحياة، والتعبد بالوجوب أثر للتعبد بنبات اللحية، فتصير الحياة متعبدا بها بلحاظ أثر نفسها وهو التعبد بالنبات وهكذا، لا بلحاظ الوجوب أو العمل المأتي بمقتضاه المرتب على بقاء الحياة بواسطة أو بواسطتين، فمثل الحياة في المثال مندرج فيما انصرف إليه الدليل لا فيما انصرف عنه، فلا يدفع الانصراف دعوى حجية المثبت على هذا المسلك على ما أوضحناه، فلا بد من دفعها بغيره إن كان، ولتكن هذه جهة فارقة أخرى بين المسلكين، وهناك فارق آخر وهو إما لزوم جعل مماثل الحكم لما لا وجود له حين انطباق دليل الاستصحاب أحيانا، وإما حجية الأصل الجاري في الشئ بلحاظ أثر الفعلي المترتب عليه بوسائط، مثلا إذا علم الولد بإذن أبيه لنذره فنذر صوم يوم الخميس مثلا، فحضر اليوم ولم يصم عصيانا، ثم شك في بقاء
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»