تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٣٧
وإن كان متحققا في صورة التعليق إلا إنه لا مصحح لاستصحاب الحكم المعلق في شئ في صوره، فالتفرقة التي صدرت عن بعض في غير محلها، ومجمل القول في جريان التعليقي نفيا وإثباتا هو إن النزاع في ذلك مبني عن إن الأحكام التكليفية جعلية أم لا، وحققنا إنها ولو كانت من الأمور الاعتبارية ولكن ليست جعليتها مثل جعلية الأحكام الوضعية، بحيث يكون تحققها في الخارج منوطا بالانشاء والجعل كالملكية والوقفية وغير ذلك مما قوامه بالجعل والقصد إلى حصوله بإنشاء سببه، بل جعليتها عبارة عن ترتبهما عن إبراز الإرادة وجعل منشأ انتزاع الوجوب مثلا تكوينا، فبنفس هذا الابراز توجد حقيقة الحكم في الخارج ولا نعني من الجعل في المقام إلا هذا، وأما جعل الوجوب بذلك المعنى الذي كان في الأحكام الوضعية فمستلزم للغو في بعض الصور، وللزم الجري على طبق وجوب قد وجعل منفكا عن إرادة متعلقة في صورة أخرى مع إن ما كان محققا لموضوع العقل بوجوب الامتثال هو العلم بإرادة المولى وإبرازها، وإلا فمع القطع بعدم الإرادة ولو كان إنشاء في البين لا يتحقق موضوع حكم العقل والوجدان يساعد ذلك أيضا، وأما لزوم اللغوية فهو في صورة كون إنشاء الوجوب ناشئا عن إرادة المتعلق ومقرونا بإبراز تلك الإرادة، فإن العقل حاكم بلزوم الجري على طبق الإرادة المبرزة من المولى في رتبة المنشأ وهو الوجوب الذي يكون إنشائه وسيلة إلى التوصل إلى متعلقة، فالمقصود وهو إحداث ما يدعو المكلف إلى إتيان المطلوب حاصل في رتبة الوجوب المجعول ومعه لا يحتاج إليه، فجعله مع ذلك يعد من اللغو المنزه عنه الحكيم، ثم لا يخفى إن لكل من المسلكين لوازم ونتائج، فعلى تقدير جعلية الوجوب وكون حقيقته أمرا اعتباريا تابعا للقصد والانشاء تتصور فيه وجوه (أحدها) أن يجعل الوجوب مطلقا بأن لا ينيطه بوجود الموضوع في الخارج فيصير حينئذ من قبيل الواجب المطلق كالأمر بالوضوء شرعا، وأمر الطبيب بشرب الدواء والمعجون، وعلى هذا فيجب تحصيل الماء مقدمة للوضوء به عند التمكن وإلا فيسقط من باب عدم القدرة، (وثانيهما) أن ينيط الحكم المجعول على الوجوب الخارجي للماء مثلا فقط، ونتيجة ذلك عدم حكم العقل بلزوم تحصيل الماء والوضوء به لو لم يكن حاصلا بنفسه،
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»