تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٨٠
وعليه فيتصور الشك في الحكم ولا يختل فيه شئ من أركان الاستصحاب، إلا إنه يصح فيها إبقاء الحكم الشخصي المعلوم الثبوت في ظرف احتمال انتفاء الضرر حتى بناء على تحكيم نظر العقل في تعيين الموضوع بالقريب المتقدم، من إنه إذا علم بحرمة هذا الكذب الضار ثم شك في ضرريته جاز استصحاب الحرمة المتعلقة بالكذب ضمنا، فإنها أثر شرعي قد علم ثبوته له، فيشك في بقائه لاحتمال بقاء الضرر، فجاز التعبد ببقائها، ويعمها أدلة الاستصحاب، فعلى هذا لا احتياج إلى دعوى اتباع نظر العرف في تشخيص الموضوع تفصيا عن لزوم الشك في بقائه بالشك في انتفاء ماله الدخل في المناط، نعم إذا قطع بالانتفاء أو أريد استصحاب الحرمة الشخصية بتمامها وعلى استقلالها، فلا بد من هذه الدعوى، فإنه لا وجه للرجوع إلى العرف باعتبار لسان الدليل، فإنه ليس من اللفظيات الموكولة إليهم استفادة واستظهارا، أو لا يكون بقاء الموضوع محرزا بالدقة العقلية، كما لا يخفى، فانقدح إن الصورة الأولى توجب نفى الملازمة، وفى التصوير الثاني يتصور مناط آخر يعنى هذا الشخصي الذي كان بخصوصه مناطا لحكم العقل، كان مناطا لحكم الشرع، ويحتمل أن يكون للشرع مناط آخر قائم بمطلق الكذب، ولازم هذا المسلك تأكد الحكم عند اجتماع المناطين وبقائه عند بقاء شئ منهما، فمع الشك في انتفاء الضرر يشك في بقاء الحكم لاحتمال إنه قائم بمناط آخر، لكن المشكوك وهو الحكم المستند إلى مناط آخر كان مشكوكا بدويا، فحينئذ لا مجال لاستصحابه لان الذي كان من الأول متيقنا يقطع بارتفاعه، والذي كان مشكوكا لم يكن متيقنا، وأما الصورة الثالثة ففي هذه الصورة كانت الملازمة محفوظة ولا يحتاج في الاستصحاب إلى العرف، لأنه كان يقين لشخص حكم قائم بهذا المناط وبذهابه يشك في إن الحكم قائم بمناط آخر أم لا، فتحصل مما تقدم إنه يجوز استصحاب الحكم الجزئي الشرعي المستكشف بالدليل العقلي عند الشك في زوال ما كان دخيلا في مناط حكم العقل قطعا أو احتمالا، حتى بناء على اعتبار العلم بالمناط تفصيلا، وعلى عدم احتمال أوسعية دائرة مناط الحكم في الشرع على الوجه الثالث المتقدم، وأنه لا احتياج إلى الرجوع إلى العرف عند الاكتفاء باستصحاب الحرمة الضمنية المتعلقة بالجزء الباقي قطعا مما كان يقوم به المناط، وأما مع القطع بانتفاء
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»