فكل منهما محل للنزاع، فالقائل بحجيته لا يفرق بينهما، وكذا القائل بعدم حجيته ولا منشأ لتوهم اختصاص الخلاف باستصحاب الأمور الوجودية إلا تسالم القوم على الاخذ بأصول عدمية في موارد مخصوصة، منها أصالة عدم القرينة على المجاز، كما إذا كان للفظ معنى حقيقي كلفظ الأسد مثلا الموضوع للحيوان المفترس، فشك في وجود القرينة الصارفة عن معناه الحقيقي، حيث أثبتوا المعنى الحقيقي بأصالة عدم القرينة، ومنها أصالة عدم التخصيص بالنسبة إلى العام، ومنها أصالة عدم التقييد بالنسبة إلى المطلق، ومنها أصالة عدم النقل إذا شك في نقل لفظ عن معناه إلى معنى آخر، ومنها أصالة عدم المزاحم كما إذا كان الانسان مكلفا بشئ وشك في وجود المزاحم أو شك في وجود المعارض. ومنها أصالة عدم وجود الحائل كما إذا شك في وجود الحائل في أعضاء الوضوء أو الغسل المانع عن وصول الماء، ففي هذه الصور قامت السيرة على جريان هذه الأصول وقيام السيرة صار منشأ لتوهم إن محل النزاع في جريان الاستصحاب وعدمه مختص بالامر الوجودي لا العدمي، بل الامر العدمي كان خارجا عن محل النزاع ومفروغ الجواز، فلا بد من التعرض لهذه الأصول وبيان مداركها، حتى يعلم إنه يصح تطبيق الاستصحاب على هذه الموارد أم لا.
فنقول أما أصالة عدم القرينة فهي على نحوين. أحدهما في مورد القرينة المتصلة، كما إذا شك في إنه هل اتصل بالكلام ما يصلح للقرينية وكان مانعا عن انعقاد الظهور أم لا، فيكون عدم القرينة منشأ لانعقاد الظهور. وثانيهما في مورد القرينة المنفصلة فبعد انعقاد الظهور يشك في قيام القرينة المنفصلة على الخلاف حتى يمنع عن حجية ذاك الظهور، ففي الصورة الأولى تكون القرينة مانعة عن انعقاد الظهور، وفي الثانية تكون مانعة عنه حجية الظهور، أما القرينة المتصلة التي كانت مانعة عن أصل الظهور، فنقول إن الظهور الحاصل من اللفظ على قسمين.
أحدهما إنه ينسبق إلى الذهن معنى ولو مع الجزم بأن المتكلم ما أراد هذا المعنى، فلا تصديق له بالإرادة، ومع ذلك يحصل له دلالة تصورية.
وثانيهما أن لا يكون الظهور من باب الدلالة التصورية، بل يكون من باب دلالة