تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٧٦
يدور بين القطع بالبقاء والقطع بالعدم، وأما لو كان حكم العقل مستندا إلى المناط المحرز بنحو الاجمال، فحينئذ يشك في بقاء الحكم، وفى هذه الشبهة إمكان تصوير إنه هل كان مناط الحكم بنحو التفصيل أو بنحو الاجمال يكون نافعا، لأنه ربما يكون حكم العقل بالمناط الاجمالي بأن يعلم بأنه إما قائم بالكذب أو بالضرر أو بكليهما، فيشك حينئذ في انتفائه فلا يكون أركان الاستصحاب مختلا عنده إلا إذا سيق لا تنقض بلحاظ العقل ونظره، وأما لو سيق بحسب لسان الدليل، فإنه لا مجال لجريان الاستصحاب حينئذ للشك في بقاء الموضوع، وأما إذا سيق بلحاظ العرف، فلا مانع حينئذ من جريان الاستصحاب ولو كان بحسب لسان الدليل مقيدا بالضرر، فإن العرف لا يرى الذات منتفيا بانتفاء قيده، فيرون ذات الكذب موضوعا للحكم ولو كان مقيدا بالضرر في الدليل، فعند انتفاء الضرر أيضا يحكمون ببقاء الموضوع، فالعرف يوسعون دائرة الذات وبانتفاء بعض الخصوصيات الغير الركنية يحكمون ببقائها أيضا، ولو لم تكن الذات بالدقة العقلية بعد انتفاء القيد تلك الذات، ولكن في نظر العرف كانت الذات باقية، فلا مانع من جريان الاستصحاب حينئذ، فعلى البناء بأن لا تنقض سيق باللحاظ العرفي لا منع من جريان الاستصحاب لبقاء الموضوع عند العرف ولو كانت فاقدة لبعض القيود والخصوصيات، ومع ذلك يرى العرف الموضوع باقيا، فتبين إن المناط في جريان الاستصحاب وعدمه هو ملاحظة لسان الدليل، فإن سيق لا تنقض بلحاظ الدقة العقلية، فلا مجال لجريان الاستصحاب لعدم بقاء الموضوع، وإن سيق بحسب لسان الدليل فيفرق بين الشرعي والعقلي، فيجري في الأول دون الثاني، وإن سيق بلسان العرف فيجري أيضا لبقاء الموضوع، وبعبارة أخرى لو بنى على اعتبار تبين الموضوع تفصيلا وتمييز قيوده المؤثرة في القبح عن غيرها فلا يشك في الحكم الكلي وبقائه، فإن الموضوع مع تمام القيود قطعي الحكم والقبح، وعند انتفاء بعضهما قطعي العدم حكما، وأما لو بنى على كفاية الاحراز الاجمالي، فإما أن يكون الامر دائرا بين المتبائنين أو الأقل والأكثر، فإن كان من الأول كما إذا تردد أمر الكذب الضرري الذي حكم العقل بقبحه، بين أن يكون ذات الكذب بنفسه واجدا لتمام الملاك، أو يكون الاضرار كذلك، أو يكون المجموع المركب منهما، فلا توجد أركان
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»