تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٧٨
حال يعلم تفصيلا بأن في نفس الكذب جهة حرمة، فحينئذ مع القطع بانتفاء الضرر، أو الشك فيه يشك في إن الحرمة التي كانت لنفس الكذب هل زالت أم لا، فيشك في بقائه عند انتفاء الضرر قطعا أو احتمالا، فتستصحب الحرمة والمبغوضية الشرعية للذات بالدقة العقلية بلا احتياج إلى نظر العرف، وكذا الامر فيما إذا كان الشك في الضرر بناء على اعتبار إحراز المناط تفصيلا، وأما مع القطع بانتفاء الضرر فلا يبقى مجال للاستصحاب لعدم بقاء الموضوع، وأما مع الشك في انتفاء الموضوع، فحينئذ إن كان الاستصحاب ناظر إلى الحرمة المستقلة، فلا يجوز الاستصحاب أيضا، وأما إن كان ناظرا إلى الحرمة الأعم من الضمنية التي ترشحت إلى الذات أو الاستقلالية، فيجوز الاستصحاب بالدقة العقلية، لعدم الشك في انتفاء الموضوع، والمحصل إنه يعلم بحرمة الكذب في جميع الصور، سواء أحرز دخله في المناط تفصيلا أو أجمالا، فإذا شك في بقائها كما في غير صورة القطع بانتفاء الضرر في جميع الصور المتقدمة، جاز استصحابها التمامية أركانه من اليقين السابق والشك اللاحق واتحاد القضيتين بحسب الموضوع دقة، فلا احتياج في تجويزه إلى تحكيم نظر العرف، هذا هو الجواب الأول من إشكال الشيخ بأنه لا يتصور الشك في الحكم بدون الشك في بقاء الموضوع، فلا مجال عنده للاستصحاب، وقد تحصل أنه لا بأس به حتى بناء على اعتبار اتحاد الموضوع دقة بلا احتياج إلى العرف، وقيل في الجواب ثانيا إنه لو سلمنا اعتبار أن يكون مناط العقل مبنيا ومفصلا، ولكن من الممكن أن يكون مناط حكم الشرع أوسع من الضرر وغيره من مناط حكم العقل، فيتصور حينئذ الشك في الحكم مجردا عن الشك في الموضوع، فيجوز استصحابه، ولكن نقول في رده بأنه إذا فرضنا إن العقل لا يحكم إلا عند إحراز مناطه مفصلا، وإن المناط هو نفس الضرر، سواء كان تمام الموضوع أو جزئه، فإذا قطعنا بذلك فنكشف بقاعدة الملازمة بأن ما ورد عليه حكم العقل من حيث المناط ورد عليه حكم الشرع أيضا، وبيان آخر إنه قيل لو سلمنا إن مناط حكم العقل لا بد أن يكون مبينا بالتفصيل، وإن العقل أدرك المناط في خصوص الضار، ولكن يمكن أن يشك في بقاء الحكم عند الشك في بقاء ماله الدخل في مناط حكم العقل، وذلك لامكان أن يكون مناط حكم الشرع
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»