أوسع من مناط حكم العقل، ولا يخفى إنه يتصور في المقام احتمالات ثلاث، الأول أن يكون مناط حكم العقل مغايرا لما هو المناط عند الشرع، ولا يكون التحريم الشرعي من آثار ما هو المناط عند العقل، بل يدور مدار المناط الاخر القائم بالأعم من مورد الضرر وغيره، والثاني أن يكون المناط لحكم العقل وهو الضرر مناط لحكم الشرع أيضا، ومع ذلك كان في البين مناط آخر للحكم الشرعي قائم بالجامع بين موضوع حكم العقل وغيره، فربما يجتمع المناطان فيتأكد الحكم وربما يفترقان، والثالث أن يكون ما هو تمام المناط لحكم العقل مصداقا لمناط الحكم الشرعي، وذلك مثل أن يكون مطلق الاضرار مناطا للحرمة عند الشرع فيصير الاضرار الحاصل من الكذب من مصاديقه، أما الصورة الأولى وهي ما كان مورد مناط حكم الشرعي أوسع من مورد مناط حكم العقل، وكان المناطان متغايرين بحيث لاحكم للشرع بما هو المناط عند العقل، فهي ملازمة للقول بأن العقل لا يدرك حكم الشرع، وإن الذي قطع العقل بكونه مناطا للحكم في الشرع ليس مناطا له، فنتيجة هذا الكلام نفي الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع وإنكارها، وما أظن إرادتها من الكلام المتقدم في الاشكال على الشيخ " ره "، وأما الصورة الثانية وهي إن الذي كان مناطا لحكم العقل مناط لحكم الشرع ولكن للشرع مناط آخر قائم بمطلق الكذب أعم من الضار وغيره، وهذا لا يكون نافيا للملازمة، ولكن إذا اجتمع المناطان يتأكد الحكم وإذا انتفي أحد المناطين يقوم الاخر مقامه ويؤثر أثره، ولازم هذا الكلام إن الحكم الجزمي قائم بالضرر والحكم الاخر قائم بمطلق الضرر، فيتصور الشك في متعلق الحكم عند القطع بارتفاع الضررية، إلا إنه يمكن أن يقال إن الحكم المعلوم المسبب عن مناط حكم العقل قد ارتفع قطعا، وبثبوت الحكم المسبب عن غيره مشكوك بدوي، فيختل اليقين السابق فلا يبقى حينئذ للاستصحاب مجال بناء على التدقيق العقلي، وأما بناء على تحكيم نظر العرف في تشخيص الموضوع والمحمول، فلا بأس به، وأما الصورة الثالثة وهي إن هذا المناط الذي كان قائما بالضرر مناط لحكم العقل، وهذا المناط أحد فردي مناط حكم الشرع، ولازم هذا الكلام إن الذي كان مناطا لحكم العقل قائم بالضرر، وهذا بعينه كان مناطا لحكم الشرع، ولكن لاتمام المناط بل هو مصداق من مصاديقه،
(١٧٩)