والشك اللاحق الفعلي، وهو الذي في عرض القاعدة، واستصحاب مركب من اليقين السابق والشك التقديري، وهو الجاري في الأثناء، وليست القاعدة مقدمة على الثاني فيبقى هذا الاستصحاب على حجيته، فيحكم ببطلان الصلاة بمقتضاه، ولكنا نقول إن المناط الذي اقتضى تقديم قاعدة الفراغ على الاستصحاب الجاري في عرضه، وهو إنه لو لم يكن مقدمة عليه لكانت بلا مورد، أو مضروبة للموارد النادرة بعينه متحقق في المقام أيضا، فإن الاستصحاب الجاري في الأثناء قبل انتهاء الامر إلى القاعدة لو كان مأخوذا به دائما، فلم يبق مجال لجريان القاعدة بعده أما أبدا أو في أكثر الموارد، فإن الشك التقديري السابق على الشك الفعلي الموضوع للقاعدة متحقق في الأغلب، هذا أولا، وأما ثانيا فلو أغمضنا عن هذه الجهة، فنقول إن مقتضى التعبد بالاستصحاب في كل زمان مثل الاستصحاب في أول الظهر، وكذا التعبد بالبينة في ذاك الآن، هو العمل بالاستصحاب والبينة في ذاك الزمان، أي يجب الاتباع بمقتضاهما في ظرفهما وهكذا، فتمام الأصول والامارات من هذا القبيل فما كان مقتضاها من التعبد بالصحة أو الفساد، يكون لازم الاتباع في زمان ثبوتها وحجيتها لا إلى الأبد، مثلا إذا فرضنا إنه قامت بينة على شئ ثم نسخ العمل على طبق البينة من قبل الشرع، فمقتضى النسخ هو العمل والجري على طبق البينة إلى حين النسخ، ولا تبقى حجية لها بعد النسخ أيضا، فلا يجب اتباعها وترتيب الأثر عليها بعد ذلك، وكذلك الاستصحاب فلا مجال للاخذ به في كل زمان إلا باعتبار الأثر للمستصحب في ذاك الزمان، نعم لو كان مقتضى التعبد بالاستصحاب في آن باقيا إلى الأبد من لزوم ترتيب الأثر دائما وفي الأزمنة المتأخرة، لكان معارضا لقاعدة الفراغ، وكذا البينة القائمة على الخلاف، فشأن الاستصحاب وكذا اليقين الذي كان أجلى الطرق وكذا البينة، هو وجوب الاتباع لهذه الطرق في ظرف ثبوتها، فيدور لزوم ترتيب الأثر للمستصحب على التعبد بالبقاء حدوثا وبقاء، فالاستصحاب الجاري في أول الظهر ناظر إلى وجوب معاملة البقاء في ذاك الزمان فقط، وكذا في الآن الثاني ناظر إلى وجوب الاتباع والمعاملة في ظرفه، وكذا في الآنات المتأخرة، ففي كل آن ناظر إلى آنه فلا تنقضي اليقين آه من الاحكام التي توجب حدوثه حدوث الحكم وبقائه بقائه فموضوع
(١٦٨)