تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٦٧
وجه حجيته إلى إمضاء الشرع لبناء العقلاء، على العمل به، أو إلى حكم العقل المستقل، كما على الانسداد بناء على الحكومة، وأما على القول بحجيته من باب التعبد، وكونه مأخوذا من مضمون الاخبار، فلا ريب حينئذ من اعتبار الشك فيه، لأنه يحتاج في الحكم الظاهري إلى الشك الفعلي، إذ من المعلوم إن الشك مأخوذ في موضوع الاحكام الظاهرية التعبدية، ثم إن الظاهر من لا تنقض اليقين بالشك، هو اليقين والشك الفعلي، فلا يشمل الشك التقديري، وتوهم بعض بشموله للشك التقديري، يعني لو التفت لكان شاكا، وفرعوا عليه إنه لو كان الانسان محدثا بالحدث اليقيني، وغفل عنه وصلى، ثم حدث له الشك في إنه كان حين الصلاة محدثا، حتى تبطل صلاته أو لم يكن حتى تكون صحيحة، ففي هذا المقام قالوا إن المقام مورد لاستصحاب الحدث المقتضى لبطلان الصلاة، وبوجوب الإعادة أو القضاء فعلا، فظرف التعبد بالاستصحاب في الحال، وهو بلحاظ الأثر الفعلي للمستصحب الموجود سابقا على زمان التعبد، ولكن مفاد قاعدة الفراغ ولازم تقدمها على الاستصحاب، إما بعنوان تخصيص الاستصحاب بها، أو بعنوان الحكومة صحة الصلاة وعدم وجوب الإعادة، أو القضاء، فبهذا الملاك يحكمون بصحة الصلاة في هذا الفرع، يعني تعبد فعلا بصحة الصلاة السابقة عكس الاستصحاب، وبالجملة في هذا الفرع يقولون إن العمل السابق في حال وجوده لم يكن محكوما بالفساد، لان ظرف التعبد بالاستصحاب كان بعد العمل، فمقتضى الاستصحاب بعد الصلاة بطلان الصلاة، ومقتضى قاعدة الفراغ صحتها، فتقدم قاعدة الفراغ على الاستصحاب إما بملاك التخصيص، أو بملاك الحكومة، هذا على اعتبار الشك الفعلي في الاستصحاب لا التقديري، وأما بناء على اعتبار الشك التقديري، فتكون الصلاة محكومة بالبطلان في ظرفها، ولا يبقى حينئذ مجال لجريان قاعدة الفراغ، لان القاعدة تكون حاكمة بالنسبة إلى الاستصحاب الذي كان قابلا للجريان في ظرف جريان القاعدة، وليست حاكمة بالنسبة إلى الاستصحاب الجاري في الزمان السابق على جريانها ولا مخصصة له، لان في ذاك الزمان كان شكا تقديريا، يعني لو التفت لكان شاكا، وكان مجالا لجريان الاستصحاب، فيحكم ببطلان الصلاة في ذاك الزمان، ولا يبقى مجال حينئذ لجريان قاعدة الفراغ، فمحصل مدعائهم إن لنا استصحابين استصحاب يجري في مورد اليقين السابق
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»