الموضوع كاف في الشك في بقائه، ومعه لا يبقى مجال للاستصحاب، أو أن لا تنقض مسوق لبيان حرمة النقض بحسب الأنظار العرفية، سواء وافقت مع لسان الدليل أم لا، فربما يرى العرف الضرر في عادياتهم من الحالات، فحينئذ ربما يفصل في المقام بين استصحاب الحكم الثابت بالدليل، وبين الحكم المستكشف بالعقل، فجوزه في الأول دون الثاني، نظرا إلى أن المأخوذ في لسان الدليل هو الكذب الضار، ومع الشك في ضرريته لا يمكن إحراز ما هو الموضوع في لسان الدليل، وأما إذا كان الدليل لفظيا قد أخذ ذات الكذب موضوعا للحرمة، فحينئذ يجرى الاستصحاب عند الشك في الضرر لبقاء الموضوع وهو الكذب، والحاصل إنه إذا سيق لا تنقض بلسان الدليل، فيمكن أن يفرق بين الدليل النقلي والعقلي، ففي العقلي يرجع الشك في الحكم إلى الشك في بقاء الموضوع دائما، وفي النقلي كان المدار على ما جعل موضوعا في لسانه من الصدق أو الكذب فقط، فمتى صدق العنوان وشك في ضرريته يكون الموضوع باقيا وللاستصحاب مجال، كما إنه إذا سيق بلحاظ نظر العرف في عادياتهم وأحكامهم العرفية، فإنهم يرون الضرر من الحالات ولو كان مذكورا بنحو القيدية في لسان الدليل، فيحكمون ببقاء الموضع عند الشك في الضرر، فيصح معه إجراء الاستصحاب، فعلى المسلك الأول أي سوق لا تنقض بلسان الدليل لكلام الشيخ من التفصيل وجه، وإلا فعلى المسلك الدقي العقلي، أو حكم العرف لاشك في جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الثاني وعدم جريانه بالنسبة إلى الأول، فلا وجه حينئذ للتفصيل، وبالجملة إن كان نظره في التفصيل كون المدار في بقاء الموضوع بلحاظ الدليل، ويفرق بين الدليل النقلي والعقلي والحكم بجريان الاستصحاب في الأول وعدمه في الثاني، فلا وجه للاشكال عليه، وكلامه في غاية المتانة، وإن كان نظره إلى غير هذه الجهة من درك العقل المناط لحكمه بنحو التفصيل أو بنحو الاجمال، فللاشكال مجال ولعل نظره (قده) إلى الجهة الأولى، فلا وجه حينئذ لما استشكل عليه، والجواب عنه على ما في الحواشي على الرسائل بعدم اعتبار الأزيد من إحراز المناط للحكم في شئ ولو إجمالا، ومن هنا ظهر إن هذه الدعوى غير رافعة للاشكال في الاستصحاب عند الشبهة الموضوعية، فإن دعوى إحراز كفاية المناط إجمالا من دون اعتبار تمييز ماله
(١٧٣)