نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٥٧
ومنها قوله عليه السلام في جواب من أطال الجلوس، في بيت الخلا لاستماع الغناء، معتذرا بأنه لم يكن شئ أتاه برجله: (أما سمعت قول الله عز وجل (ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا). وفيه ان الآية لو كانت دليلا على حرمة استماع الغناء صح الاستدلال بالرواية للمقام، لكن الآية بمعزل عن ذلك، وانما مدلولها تعذيب الله على ارتكاب المعاصي الثابت كونها من المعاصي بالأدلة الخارجية، فيعلم ان المخاطب كان عالما بالحكم، متحيلا في ارتكابه، والعذاب على المعاصي مع أنه ليس من أحكام العمل، مما ثبت بالضرورة من الدين، ومثل هذا الظاهر المطابق للدليل القطعي لا منع عن الاخذ به، بل لا يسوغ المنع، بل ليس الاخذ به حقيقة إلا أخذا بذلك الدليل القطعي.
وبما ذكرناه تقدر على الجواب عن كل ما استدل به للمقام، مثل ما دل على الامر بقرأة القرآن والتفكر في معانيه وغير ذلك.
حجية العمل بالكتاب قوله: نعم، لو كان الخلل المحتمل فيه أو في غيره:
لا يخفى ان الخلل الحاصل بالتحريف من هذا القبيل فإنه خلل حاصل بالمتصل اما في هذا أو غيره، وقد عرفت ان الاحتمال البدوي للقرينة المتصلة مضر بالأخذ بالظهور، فضلا عما إذا علم بها إجمالا، لان الظهور الملقى من المتكلم غير معلوم على التعيين، ولم يثبت البناء على أصالة عدم القرينة في تعيين الظاهر الصادر، بل وكذلك الحال في احتمال القرينة المنفصلة، ويحتمل أن يكون المراد من العبارة إحراز اتصال شئ بالكلام، والعلم الاجمالي بكونه مخلا بظاهره أو بأظهر غيره، فلا يتجه عليه ما ذكرناه، وإن كان يتجه عليه ان العلم الاجمالي بحصول الخلل غير لازم، بل يكفي في السقوط عن الحجية الشك البدوي، كما سيجئ.
قوله: ولم يثبت تواتر القراءات:
ولو ثبت تواتر القراءات، فإن كان هناك جمع
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»