نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٦١
لا إشكال فيه لاختلاف المجمعين على حجية الخبر الواحد في حجية الاجماع المنقول.
نعم، لا يبعد أن يقال: إن بناء العقلا على العمل بخبر الواحد لا يختص بالخبر الحسي، بل بنائهم على العمل بالخبر الموثوق به مطلقا. نعم، في الخبر الحدسي يعتبرون مع ذلك كون المخبر من أهل الخبرة، وممن يكون الغالب في حدسه الإصابة، وإن شئت قلت: ان بناءهم على العمل بما يثقون به، وهذا يحصل في الخبر الحسي بكون المخبر ثقة لا يتعمد الكذب، وفي الخبر الحدسي بكونه ثقة لا يتعمد الكذب في الاخبار عن حدسه، وكونه من أهل الخبرة الذين لا يخطئون في حدسهم غالبا، لغلبة الخطأ في الحدس دون الحس. ثم انا لو لم نقل بحجية نقل الاجماع من باب نقل المسبب وقول المعصوم لكونه عن حدس، فلا وجه لاعتباره من باب نقل السبب، وقول المجمعين سوأ كان المنقول تمام السبب أو بعضه، وقد احتاج إلى تحصيل ما يكون متمما له، فان السبب المذكور انما كان معتبرا من جهة حصول الحدس القطعي منه لا بما هو، ومن المعلوم ان الحدس لا يحصل ما لم يقطع بالسبب.
نعم، إذا كان السبب ملازما لقول المعصوم وكاشفا عنه كشفا عقليا أو عاديا، ولم يكن بنحو يحدس المنقول إليه منه اتفاقا، بحيث كان معنى دليل صدق الشامل له ترتيب قول المعصوم عليه، كدليل صدق الشامل لألفاظ المعصوم، الكاشف عن إرادة معناه، اعتبر نقل الاجماع من حيث نقل السبب، فإن كان تمام السبب ترتب عليه لازمه وإلا توقف ترتبه على تتميمه بما يكون معه تمام السبب، ومن ذلك يظهر الكلام في نقل التواتر، فان الكلام فيه كالكلام في نقل الاجماع، من حيث نقل السبب والمسبب، بل لا يبعد اعتبار نقل التواتر من حيث نقل المسبب، وإن لم نقل به في الاجماع، لقرب الحدس هنا من الحس، فيكون كالشهادة بالعدالة والاجتهاد، من الأمور الحدسية القريبة من الاحساس، فان كل واحد من الرواة ينقل الرواية حسا من المعصوم ويحصل الحدس القطعي من المجموع بقول المعصوم، و هذا بخلاف فتوى المجمعين، فإنها ناشئة عن مقدمات حدسية، فيكون الحدس
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»