نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٤٠
اختصاص حكم العقل بالحجية، الذي هو من رشحات حكمه بوجوب المتابعة بما اختص به وجوب المتابعة، فالحجة هو القطع المصيب، و أوضح من هذا في الاختصاص بالقطع المصيب حكم العقل، بالمنجزية، فإنه لولا الواقع والإصابة تكون منجزا لأي شئ، واما المعذرية، فهو حكم ثابت في موضوع القطع المخطئ، بل قد عرفت: انه حكم مطلق الجهل بالواقع، بسيطا كان أو مركبا، ما لم يكن عن تقصير. ثم:
ان أثر اختصاص الحجية بالقطع المصيب يظهر في حق الغير، إذا توجه إليه حكم في موضوع قيام الحجة عند القاطع، بل في حق القاطع أيضا، فيما إذا علم قبل قطعه بخطأ مقدمات خاصة، ومع ذلك زاولها حتى أثرت في حصول القطع، فإنه لا يعذر فيه. وإن كان في حال القطع لا يخاطب بترك العمل به، لأنه يرى إصابة قطعه. فإذا صح قصر الحجية بطائفة خاصة من القطع، وقام الدليل الشرعي على النهي عن متابعة ما يحتمل الانطباق عليه، يحكم بالانطباق. فإذا نهى الشارع عن متابعة القطع الحاصل من المقدمات العقلية، يحكم بأن القطع الحاصل من هذه المقدمات كله خطأ، لا إصابة فيه، كما هو ظاهر اخباره أيضا، وفي الحقيقة القصر في الحجية من العقل لا من الشرع، و الشارع بنهيه يكشف عن خروج مورد النهي عن موضوع الحجية العقلية.
نعم، قد عرفت: ان لا أثر لهذا الخطاب بالنسبة إلى القاطع، ولا يوجه إليه.
ثم إن هناك وجها آخر لقصر الحجية ببعض أقسام القطع، بل سلب الحجية عنه بالمرة.
وحاصله: ان من المحتمل أن يؤثر القطع مطلقا أو في الجملة مفسدة في المتعلق، مزاحمة لما في متعلقه من المصلحة، مسقطة لها عن التأثير، فيكون الحكم الثابت - لولا القطع - مرتفعا به، ويكون القطع عنوانا ثانويا، كسائر العناوين الثانوية، رافعا للحكم المقطوع به، في هذا لا محيص للمولى من ترك الطلب وعدم بعث العبد نحو الفعل، لان ذلك نقض لغرضه، وليس له طريق للوصول إلى مقصده إلا بجعل الاحتياط فيما كان الأثر لمطلق القطع.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»