نعم، لو قيل: إن التكليف يقتضي ذلك، صح ما ذكره من المنع، ولم يكن يختص المنع بالمقام، بل يجري في التخيير في الموافقة العملية بالأخذ بأحد الاحتمالين، عملا عند تعذر الاخذ بكليهما. وقد عرفت: ان المصنف (قده) ليس ذلك من مذهبه، فهو في غنى من هذه التعليلات.
قوله: إلا على وجه دائر:
قد ضرب على هذه العبارة في بعض النسخ المصححة، ولنعم ما صنع، فان الدور انما يلزم إذا توقف جريان الأصول على تحقق عدم المخالفة الالتزامية، أو عدم الموافقة الالتزامية في الخارج. وقد فرض: ان عدم لزوم المخالفة الالتزامية تكون بجريان الأصول، و يتوقف على جريانها وإخراجها للموضوع المشتبه عن موضوع الحكمين، فيلزم الدور. لكن جريان الأصول لا يتوقف على شئ من ذلك، فان أدلة الأصول على الفرض تشمل كل مشتبه، وإن كان مشوبا بالعلم، وقد خرج منها ما يلزم من شمولها له محذور المخالفة العملية، أو محذور المخالفة الالتزامية للتكليف المعلوم، ولا يلزم هذا المحذور في الأصول الموضوعية، بل وكذا الأصول الحكمية في موارد العلم الاجمالي، حسبما ذهب إليه شيخ مشايخنا المرتضى (قده). لان موضوع خطاب التزم هو الحكم، ولا حكم بعد جريان الأصل وهذا كما في الأصول الموضوعية النافية لموضوعات التكاليف، فتجري الأصول بلا مزاحمة أدلتها بمانع عقلي أو شرعي، فأين الدور الذي ذهب إليه المصنف (قده)؟ نعم، ما ذكره شيخ مشايخنا (قده) أيضا غير مستقيم، وقد عدل عنه بعد ذلك بأسطر. فلا وجه للاشكال عليه.
قوله: مع عدم ترتب أثر عملي عليها:
الظاهر اشتباه عدم لزوم المخالفة العملية، المفروض في محل البحث، بعدم أثر عملي، وإلا فالأثر العملي ثابت فيما نحن فيه، إذا كانت الشبهة موضوعية، كالمرأة المرددة بين منذورة الوطء ومنذورة تركه، ومجرى الأصل بنفسه حكم العمل إذا كانت الشبهة حكمية، كالحكم بعدم الوجوب وعدم الحرمة فيما تردد أمره بينهما.