الفعل في الجميع بعنوان انه حرام اختياري. والسر في ذلك: ان ذات الحركة الصادرة من الشخص في صورة اشتباه العنوان اختيارية و ليست قسرية، فان الضرورة شاهدة بأن الانقباض والانبساط الحاصلين حينئذ، حاصلان عن مبدأ الاختيار، والعناوين المعتقدة من قبيل دواعي الإرادة لا من قبيل قيود المراد.
نعم، لا يكفي مجرد هذا الاختيار في ترتب التحسين والتقبيح، المترتبين عقلا على العنوان، بل يحتاج إلى قصد ذلك العنوان الحسن و الاخر القبيح، ولكن يكفي قصد جامع كل من العنوانين، فلو قصد عنوانا حسنا فظهر انه عنوان حسن آخر، أو قصد عنوانا قبيحا فظهر انه عنوان قبيح آخر، ترتب على الأول التحسين وعلى الثاني التقبيح.
واما ثانيا: فالذهول عن القطع وعن عنوان المقطوعية في الغالب، ممنوع، بل أول ما يلتفت الانسان إليه هو علمه، وانه يعلم ما يعلم، فيختار ما يعلم أنه أكل كذا أو شرب كذا والذهاب إلى كذا إلى غير ذلك، ويكفي في التقبيح الاتيان بالفعل مع العلم بانطباق عنوان قبيح عليه، ولا يلزم أن يكون ذلك العنوان هو المحرك للعمل، فلو علم بأن فعله هذا قتل أو ضرب كان قبيحا ويذم على فعله، وإن لم يقصده بعنوان انه قتل، بل كان له في ذلك غرض آخر.
قوله: وإن قلنا: بأنه لا يستحق مؤاخذة أو مثوبة:
سينتهي كلام المصنف (قده) إلى ما يستلزم ترتب الثواب والعقاب على الخصوصيات الذاتية، الكامنة في النفس، حيث علل تكليف العصاة بأنه لأجل إقامة الحجة، ومرجع ذلك إلى حصول سبب العقاب، لولا التكليف، وإنما التكليف لأجل أن لإيجابه العبد مولاه، بان ذاتي ذات طيبة، لو كنت كلفتني لرأيتني ممتثلا، وكي لا تكون له على الله الحجة.
قوله: ضرورة ان القطع بالحسن:
بل لا يبعد أن يكون القطع من الوجوه والاعتبارات المغيرة للفعل، فيكون من جملة الافعال القبيحة فعل ما يعتقد الشخص قبيحة، اما مطلقا أو بشرط أن لا يكون فيه حسن ملزم يصادم القبح الآتي من قبل اعتقاد القبح. وما أدعاه المصنف (قده) من الضرورة، باطل. فان ما ذكرناه لو