سقط اعتباره في الجميع لكونه حينئذ بمنزلة العام المخصص بالمجمل ومنها أن لا يتعين الاستصحاب ويتعين الرافع مع تعدد نوع المورد أو لا يتعين الرافع أيضا ويتحد المورد أو يتعدد كما لو علم بوقوع نجاسة إما في ماء دون الكر أو في ماء بئر بناء على عدم انفعاله به ووجوب النزح أو علم بحصول أحد الامرين من وقوع نجاسة في ماء قليل أو باغتسال الجنب في ماء بئر بناء على عدم انفعاله به وكما لو علم ببيع أمته أو طلاق زوجته من الوكيل انتقض الاستصحاب بالنسبة إلى الاحكام المشتركة كحلية الاستمتاع في المثال الأخير دون غيرها على إشكال أما الأول فلما مر وأما الثاني فلسلامة الاستصحاب فيه من التدافع لتغاير الحكمين فيعمل بكل من الاستصحابين في المثالين الأولين من طهارة القليل وعدم وجوب نزح البئر لعدم التدافع بينهما فإن قلت يمكن اعتبار التدافع بالنسبة إلى العلم بارتفاع مجموع الحكمين وهو في معنى ارتفاع أحدهما لا بعينه قلت الظاهر من اليقين في أخبار الاستصحاب اليقين بالحكم الواحد دون المتعدد فيبقى الاستصحاب في كل من الموردين سالما عن ثبوت المعارض ولا يرد مثله في استصحاب الحكم الواحد بحسب موردين فما زاد لان وحدة الحكم تقرب شمول اليقين له لا سيما بعد ورود النص به في بعض الموارد كما في الإناءين والثوبين المشتبهين ثم هذا كله إذا تساوى الاستصحابان فما زاد في الحجية عند طريان الرافع واتحد نسبتهما إلى المكلف وأما إذا اختلفا في الحجة بأن كان أحدهما حجة دون الاخر لم يحكم بانتقاض ما هو الحجة على الأقوى فلو لاقى أحد المشتبهين بالأصل أو بالمعارض طاهر حكم ببقاء طهارته وإن علم بارتفاع طهارة المجموع إذ العلم الاجمالي لا يقتضي رفع الطهارة إذا لم يقدح في دليلها وهو هنا لم يقدح في دليل طهارة الملاقي لخلوه عن المعادل حتى يتساوى نسبة النقض إليها لسبق انتقاضه فهو بمنزلة ما لو كان أحد الإناءين متنجسا على التعيين وعلم بوقوع النجاسة في أحدهما لا بعينه فإنه يستصحب طهارة الطاهر منهما مطلقا نعم لو لاقى المشتبه الاخر طاهر آخر انتقض الاستصحاب في الملاقيين كالأصل وكذا لو كان ملاقاة الطاهر لأحدهما حال وقوع النجاسة إذ التقدم الرتبي غير مجد مع الاتحاد بحسب الزمان مع احتمال عدمه ولو اختص كل من الاستصحابين بمكلف كما في واجدي المني في الثوب المشترك مع العلم بخروجه من أحدهما في زمن لم يغتسلا فيه للجنابة فإنه يستصحب كل منهما طهارته بالنسبة إلى ما يخصه من الاحكام لان كلا منهما محكوم عليه باستصحاب طهارة نفسه حيث لا يقين له بارتفاعها دون طهارة الاخر ودون المجموع عملا بما هو الظاهر من أخبار الاستصحاب وهي الحجة في مثل المقام وكذا لو علما ببينونة زوجة أحدهما عنه أو بخروج مملوك أحدهما عن ملكه إلى غير ذلك وأما الاحكام المشتركة فالاستصحاب منقوض في حقهما بالنسبة إليها لمكان اليقين بالانتقاض فلا ينعقد الإمامة بينهما في الفرض الأول للقطع ببطلان صلاة المأموم على كل تقدير نعم لو اغتسل الامام قبل الصلاة صح صلاتهما ولو اغتسل المأموم فوجهان من عدم القطع حينئذ ببطلان صلاته ومن أن غسله مؤكدا لما ثبت في حقه بالاستصحاب فلا يؤثر في المنع والأول أظهر وكذا لا يصح تبديل أحد المملوكين بالآخر ببيع أو صلح أو نحوهما للقطع ببطلانه ولو أبدله بغيره أو وهبه إياه ففي بطلانه أو صحته ووجوب الاجتناب منهما إلا مع سبق خروج الاخر عن ملكه وجهان ولا يحل لكل منهما التصرف فيهما معا وإن أذن له الاخر وفي جوازه على التعاقب وجهان ولو علم بنجاسة عضو من أعضائه أو عضو شخص آخر كما لو لاقى كل منهما لاحد المشتبهين اتجه عدم انتقاض الاستصحاب في حقهما كما في صورة الجنابة وربما كان إطلاق حكمهم في الجنابة مشعرا بذلك [نظرا إلى العلم بنجاسة أحد الملاقيين وعدم حكمهم بوجوب غسلهما] ولو لاقى كل منهما طاهرا فالكلام فيه ما مر ولو علم بنجاسة ثوبه أو ثوب شخص آخر أمكن إلحاقه بالعضو ما لم يكن الثوب الاخر مستعارا من أحدهما فيتجه المنع وقريب من ذلك ما لو علم بنجاسة آنيته أو آنية شخص آخر مع اختصاص كل منهما في التصرف بملكه الرابعة ذكر بعض المعاصرين أن الاستصحاب يتبع الموضوع في مقدار صلوحه للامتداد فإن كان الموضوع جزئيا معينا ثبت بالاستصحاب بقاؤه إلى أقصى مدة يمكن بقاؤه فيها وإن كان كليا كما لو علمنا بوجود حيوان في موضع وترددنا بين كونه من نوع ما يعيش قليلا كالذباب والنمل أو كثيرا كالانسان والفرس فلا يثبت بالاستصحاب إلا بقاؤه في أقصى مدة ما هو أقل الأنواع المحتمل بقاء هذا محصل كلامه أقول لا كلام في عدم جريان الاستصحاب عند العلم بعدم البقاء فإن الاستصحاب لا يعارض اليقين وأما مع الشك في البقاء فإن كان من جهة الشك في وجود المقتضي للبقاء لم يجر الاستصحاب إن لم يمكن إثبات وجوده ولو بالاستصحاب وإن كان من جهة الشك في المانع جرى فيه وقد مر تحقيق ذلك ثم إن ميز المورد و علم أنه من أي الأقسام فلا كلام وإن جهل إما لعدم تعيين المورد أو لعدم العلم بحاله فإن تردد بين القسمين الأولين فلا إشكال في عدم الجريان كما لو علم بثبوت خيار له وشك في كونه من نوع ما يصلح للاستمرار كخيار الرؤية على القول بعدم فوريته أو لا كخيار التدليس وكذا لو تردد بين القسم الأخير وأحد القسمين الأولين أو بين الأقسام ووجه الجميع واضح وهو عدم صدق النقض والدفع المنهي عنهما في الاخبار التي هي مستند الباب ولو علمنا بأن المورد من الموارد التي من شأنها البقاء ما لم يرفعه رافع وترددنا في تعيينه مع علمنا باختلافها في الرافع فالوجه جريان الاستصحاب فيه فيحكم بالبقاء إلى أن يعلم تحقق الرافع والمثال الذي ذكره الفاضل المذكور من هذا القبيل فإن قضية وجود كل حيوان بحسب العادة بقاء حياته ما لم يؤثر في فساد مزاجه مؤثر ويختلف
(٣٧٩)