الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٣٧٨
التحكم وإبقاء الملاقي على طهارته كالمتنجس على نجاسته وهو ناشئ من عدم إحكام الأصل هذا وأما بالنسبة إلى ترتب أحكامه العادية وما يترتب عليها من الأحكام الشرعية فالحق عدم الحجية وما ذكره بعض المحققين من أن الأصول المثبتة ليست بحجة فالوجه تنزيله على ما ذكرناه فيكون المراد أن الأصول المثبتة لحدوث أمور عادية ليست حجة على إثباتها وذلك لتعارض الأصل في جانب الثابت والمثبت فكما أن الأصل بقاء الأول كذلك الأصل عدم الثاني و ليس في أخبار الباب ما يدل على حجيته بالنسبة إلى ذلك لأنها كما ترى مسوقة لتفريع الأحكام الشرعية دون العادية وإن استتبعت أحكاما شرعية وعلى هذا فلا يحكم بطهارة متنجس وقع في موضع يستصحب فيه بقاء الماء لان التطهير إنما يكون بالملاقاة وهو أمر عادي لا يثبت حدوثه باستصحاب بقاء الماء نعم لو علم بوجود الماء وحصول الملاقاة وشك في بقائه على صفة الكرية استصحب بقاؤها كما مر ويترتب عليه التطهير لأنه حكم شرعي و كذلك الحال في إكفاء الآنية على المتنجس إذا استصحب بقاء الماء فيها ومثله استصحاب بقاء الشمس على الأرض الرطبة المتنجسة فيكون جفافها بها فتطهر واستصحاب رطوبة الثوب الرطب الملاقي للنجاسة فيكون قد أصابها برطوبة فتنجس واستصحاب بقاء الوكيل وصاحبه على العزم على العقد وعدم طرو الموانع المقتضية لنقضه فيكونان قد عقدا فيحل التصرف إلى غير ذلك ولا يرد مثل ذلك في استصحاب الطهارة المترتب عليها صحة الصلاة من حيث توقف ذلك على مقارنة الصلاة لها وهو أمر عادي إذ ليس من حكم بقاء الطهارة في زمان شرعا مقارنتها للصلاة الواقعة فيه وإنما ذلك من لوازمه العقلية كما أنه ليس من حكم بقاء الرطوبة في الثوب الملاقي لنجاسة شرعا ملاقاته لها برطوبة بل ذلك من أحكامه العادية وذلك لان قضية الحكم ببقاء الطهارة في زمان شرعا صحة الصلاة فيه ما لم يمنع مانع ولا حاجة إلى إثبات المقارنة في الحكم بالصحة بل يتفرع على ذلك صحة الصلاة المقارنة للطهارة الاستصحابية وكذا الكلام في تنجيس النجاسة الاستصحابية و نظائرها هكذا ينبغي تحقيق المقام ولم أقف في المسألة على من يصرح بالخلاف فلعله موضع وفاق وأما التعويل على أصالة عدم حدوث الحائل على البشرة في الحكم بوصول الماء إليها في الوضوء والغسل وعلى أصالة عدم خروج رطوبة لزجة كالودي بعد البول في إزالة عينه بالصب مع كون الأصل في المقامين مثبتا لأمر عادي فليس لأدلة الاستصحاب بل لقضاء السيرة والجرح به مضافا في الأخير إلى إطلاق الأخبار الدالة على كفاية الصب مطلقا ولا يبعد تخصيص الحكم بصورة الظن بالعدم لأنه الغالب فلا يعول عليه عند الشك أو الظن بالخلاف الثالثة إذا علم بورود الرافع للاستصحاب والمراد به الامر المستصحب فقد يعلم به على التعيين واردا وموردا وهذا مما لا إشكال فيه وقد يعلم على الاجمال وحينئذ فقد يكون العلم الاجمالي مسبوقا بالعلم التفصيلي اتجه بطلان الجميع مع الانحصار كما لو علم بنجاسة أحد الثوبين أو الإناءين على التعيين ثم اشتبه بالظاهر أو علم بطلاق إحدى زوجيته ثم اشتبهت بغيرها لبطلان أحدهما بالرافع والاخر بالاشتباه وقد مر تحقيق ذلك في بحث المشتبه مع احتمال أن يجري في هذا القسم التفصيل الذي نذكره في القسم الآتي إذ قبل الاشتباه لا مسرح للاستصحاب فيه باعتبار ذلك الطاري وبعده يتساوى الحال بينه وبين ما إذا لم يسبق العلم بالتفصيل وأما أن لا يكون مسبوقا بالتفصيل وحينئذ فقد يكون عدم التعيين في الرافع وقد يكون في الاستصحاب وقد يكون فيهما وعلى التقديرين الأخيرين إما أن يتحد نوع المورد أو يتعدد مع المشاركة في جميع الأحكام أو المخالفة في الجميع أو المشاركة في البعض والمخالفة في بعض آخر فالتقادير تسعة ثم إما أن لا ينحصر مورد الاشتباه بالنسبة إلى غير الرافع فيعمل بالاستصحاب في الجميع دفعا للعسر والحرج و أما عدم الانحصار في الرافع خاصة فغير قادح كما لو علم بولوغ أحد الكلاب الغير المحصورة في آنيته ولا فرق بين عدم الانحصار الابتدائي والطاري حتى أنه لو طرأ الاشتباه بغير المحصور على بعض الافراد المحصور سقط الحكم عنه كما لو طرأ على معلوم الحكم دون ما لم يطرأ عليه للأصل فإن رفع الحكم المشتبه المحصور عن بعض الافراد لا يوجب رفعه عن غيره وإما أن ينحصر المورد فهاهنا صور عديدة منها أن لا يتعين نوع الرافع ويتعين الاستصحاب ويلزمه أن يتحد المورد ولا إشكال حينئذ في انتقاض الاستصحاب لتحقق اليقين بالرفع وإن جهل الرافع كما لو علم بفسخ الوكيل نكاح زوجته المعينة أو طلاقها أو علم بوقوع أحد سببي التحريم من المصاهرة أو الرضاع ومنها أن لا يتعين الاستصحاب ويتعين الرافع ويتحد المورد نوعا وذلك بأن يعلم بطريان رافع معين بحسب النوع وإن لم يتعين بحسب الشخص على أحد الاستصحابين فما زاد مع اتحاد نوع المورد كما لو علم بوقوع نجاسة في أحد الإناءين أو على أحد الثوبين وشك في التعيين أو في طلاق الوكيل لإحدى زوجتيه أو بيعه لإحدى أمتيه وشك في التعيين انتقض الاستصحاب في الجميع على الأقوى لابتناء حجيته في مثل المقام على دلالة الاخبار ومفادها في ذلك متدافع لان قضيتها عدم جواز نقض اليقين إلا باليقين وهذا إن قيس إلى كل مورد بالخصوص أفاد بقاء حكمه لعدم اليقين بخلافه وإن قيس إلى ما علم بورود الرافع عليه منهما كالملاقي منهما للنجاسة في المثالين الأولين أفاد عدم بقائه لحصول اليقين بارتفاعه وهو ينافي الحكم بطهارة كل أحد بالخصوص فإذا ثبت التدافع في البعض مع أن الفرض عدم
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»