أحد المحذورين أما انتفاء القبح في تلك الموارد خاصة فيلزم تخصيص العمومات العقلية وانفكاك الأسباب التامة من مسبباتها و فساده واضح أو تعلق الأوامر الشرعية بارتكاب القبائح العقلية وهو مخالف لقواعد العدلية مع أن الدليل مبني عليها وإن ادعى قبحه ظاهرا فيكون منوطا بصورة عدم انكشاف الخلاف ففيه أن العقل لا يعتد بالظن على الاطلاق فكيف يمكن دعوى البداهة على فساد ترك العمل به مع أن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم قد كشفت عن حرمة العمل بالظن مطلقا فلا يتم الاستدلال إلا بعد إثبات عدم شمولها لهذا النوع من الظن على أن الاستصحاب قد لا يفيد الظن فالدليل لا يطابق المدعى هذا ولو جعل الدليل مبنيا على قاعدة انسداد باب العلم و بقاء التكليف ففيه أن قضية ذلك حجية الظن في معرفة دليل الحكم لا نفس الحكم مع أن الاستصحاب يجري في الاحكام والموضوعات و قاعدة الانسداد إنما تجري في القسم الأول إلا أن الامر في هذا سهل لامكان تخصيص العنوان به الثامن ما تمسك به الفاضل المعاصر و هو قريب إلى الوجه المتقدم ومحصله أن بقاء ما ثبت وجوده أو عدمه في حال أو زمان ولم يحصل الظن بطرو ما يرفعه مظنون وكل مظنون فهو مما يجب الاخذ به أما الصغرى فلقضاء ضرورة الوجدان به والظاهر أن منشأه النظر إلى ملاحظة حال الموجودات و المعدومات فإنها تستمر غالبا فتارة باستمرار عللها وأخرى بتجدد ما يستند إليه بقاؤها فيظن الاستمرار في موارد الشك إلحاقا لها بالأعم الأغلب ولك أن تنظر في استصحاب الأحكام الشرعية إلى حال الاحكام فإن الغالب فيها استمرارها بدليلها الأول أو بدليل آخر وإنها ليست آية مختصة بزمن الصدور فيلحق بها موارد الشك إلحاقا بالأغلب وأما الكبرى فلما دل على حجية ظن المجتهد مطلقا إلا ما أخرجه الدليل والجواب منع المقدمتين أما الصغرى فلان الاستصحاب المعتبر قد لا يفيد الظن بمقتضاه إن أريد به الظن الفعلي كما هو الظاهر من إطلاق الظن وتساعد عليه كلية الكبرى بناء على تخصيصها بالظن الفعلي كما هو المعروف وقد اضطرب كلام الفاضل المذكور في إفادة الاستصحاب المعتبر للظن ففي المقام قد ادعى قضاء ضرورة الوجدان بذلك كما عرفت وقد ادعى ذلك في دفع حجج المنكرين أيضا و قال في مسألة أصل البراءة الاتيان بالفعل المشكوك فيه من أفعال الصلاة ما لم يتجاوز محله بالصلاة والمشكوك في فعلها ما دام وقتها باقيا وكذلك الشك في عدد الركعات من الثنائية والثلاثية ما دام في الصلاة وأمثال ذلك حكمه وجوب الاتيان للأصل والاستصحاب فالمظنون العدم وأما مع خروج الوقت في الشك في الصلاة و الدخول في الفعل اللاحق في الشك في أجزائها فالظاهر من حال المسلم الاتيان بها وهو مظنون فلا يجب الاتيان لذلك أو لتساوي الطرفين و أصالة البراءة وكلامه هنا يوافق كلامه المتقدم إلا أنه عرى دعوى الضرورة ولا يذهب عليك أن ما تمسك به على الاتيان بالفعل في الصورتين الأخيرتين من أن الظاهر من حال المسلم الاتيان به وأنه يفيد الظن به فيعمل به أو يعارض الظن الناشئ من استصحاب العدم فيكافؤه فيرجع إلى أصل البراءة غير سديد لأنا نمنع حصول الظن بالاتيان للعامل من حال نفسه على الاطلاق كما يحكم به كذلك ثم نمنع حجية مثل هذا الظن بل المتبع هو النص ونمنع أيضا جواز الرجوع إلى أصل البراءة على تقدير التكافؤ بل يتعين الرجوع حينئذ إلى قاعدة الاحتياط والاشتغال وقال في أول مبحث الاستصحاب استصحاب الحال هو كون حكم أو وصف يقيني الحصول في الان السابق مشكوك البقاء في الان اللاحق والمراد من المشكوك أعم من متساوي الطرفين ليشمل المظنون البقاء وغيره وإن كان مراد القوم من الشك هنا هو الاحتمال المرجوح في الواقع لان بناءهم في الحجية على حصول الظن ونحن إنما عممنا الشك لأنا لا ننقض اليقين إلا بيقين بسبب الاخبار فلا يضرنا تساوي الطرفين بل كون البقاء مرجوحا أيضا فالاستصحاب عندنا قد يستند في حجيته إلى الظن الحاصل من جهة اليقين السابق و قد يستند في حجيته إلى الاخبار وهو لا يستلزم حصول الظن إلا أن يدعى أن الاخبار أيضا مبنية على الاعتماد بالظن الحاصل من الوجود السابق وهو مشكل هذا كلامه قوله وهو الاحتمال المرجوح في الواقع هكذا وجدنا النسخ والظاهر أنه سهو من القلم والصواب الاحتمال الراجح في الواقع أو الاحتمال المرجوح في الرافع والأول أوضح والوجه واضح وكيف كان فصدر كلامه يدل على أن الاستصحاب عنده قد يفيد الظن وقد لا يفيده وأنه حجة على التقديرين و هو مناف لما مر لكنه استشكل فيه أخيرا وإشكاله إما في الاستصحاب الذي لا يفيد الظن أو في كون كل استصحاب مفيدا للظن و الظاهر من بيانه هو الثاني وهو بعيد جدا لان حصول الظن بالاستصحاب من الأمور الوجدانية فإذا فرض انتفاؤه فلا معنى لاثباته بالغض ثم لا يذهب عليك أن الحد الذي ذكره للاستصحاب غير ملائم لمعناه الأصلي وخلاف المتبادر من معناه العرفي والتحقيق فيه ما ذكرنا ثم لنا فيما ذكر في الصغرى من حصول الظن بالبقاء عند عدم الظن بطرو الرافع إشكال آخر وهو أنه إن أريد بالظن في الموردين الظن الفعلي ففساده ظاهر واضح لاستلزامه انتفاء الشك في الحوادث الوجودية والعدمية بالكلية وهو مما لا يلتزم به ذو مسكة ولو صح ذلك لبطل مباحث الشكوك المقررة في مبحث الصلاة إذ قضية ما قرر أن يظن المصلي عدم الزيادة ما لم يقم عنده أمارة تفيد الظن بها فلا يبقى مورد للشك وإن أريد بالظن بالمانع ما يعم الظن الشأني فمع كونه خلاف الظاهر من إطلاق الظن فيه أن مجرد معارضة ما من شأنه إفادة الظن لا يقدح في حصول
(٣٧٤)