الرجلان اللذان كانا أو الرجال الذين كانوا معنا أمس وبيانه أيضا على قياس مما سبق ثم لام العهد كما تأتي لتعيين الفرد والافراد كما مر كذلك قد تأتي لتعيين النوع كما إذا قلت أكرم الفقير العدل ثم قلت أعط الفقير مشيرا بها إلى الفقير العدل وقد تأتي لتعيين المعنى كما إذا كان أحد معاني اللفظ معهودا بينك وبين مخاطبك فتشير باللام إليه نحو جئني بالعين مشيرا بها إلى أحد معانيه المعهودة هذا فقد ظهر مما ذكرناه هنا وفيما سبق أن المعرف بلام العهد الذهني و الاستغراق يرجعان إلى المعرف بلام الجنس وإن افترقا عنه باشتمالهما على اعتبار لا يشتمل هو عليه وأن المعرف بلام العهد الخارجي لا يرجع إليه وهذا هو المطابق لما نص عليه جماعة من المحققين كالتفتازاني والمحقق الشريف لكن رجوع العهد الذهني إلى المعرف بلام الجنس متعين لان اللام على ما عرفت موضوعة للإشارة وهي تستدعي تعين الحقيقة التي أشير إليها وهي إنما تتعين في العهد الذهني باعتبار الجنس دون الفرد لابهامه وأما إرجاع الاستغراق إلى المعرف بلام الجنس فغير متعين لأنه كما يجوز أن يشار إلى الماهية المأخوذة بحسب تعينها الجنسي ويعتبر تحققها في ضمن جميع الافراد كذلك يجوز أن يشار إليها باعتبار تحققها في ضمن جميع الافراد بدون اعتبار لتعينها الجنسي لان ذلك أيضا نوع تعين لها كاف في صحة الإشارة إليها كما في الجمع المستغرق ثم إن المحقق الشريف بين وجه خروج المعرف بلام العهد الخارجي عن المعرف بلام الجنس دون العهد الذهني بأن معرفة الجنس غير كافية في تعيين شئ من أفراده بل يحتاج إلى معرفة أخرى وأورد عليه الفاضل المعاصر بالنقض بالاستغراق والعهد الذهني فإن تعيين الجنس لا يكفي أيضا في تعيين جميع الافراد أو فرد ما بل لا بد من معرفة أخرى وفيه ما لا يخفى فإن مقصود المحقق الشريف بالمعرفة التعيين المحصل للتعريف المعتبر في المعارف لا العلم أو الدلالة كما هو مبنى الايراد وتوضيح ذلك أن اللام في العهد الذهني وفي الاستغراق في المفرد على البيان المعروف ليس إلا لتعريف الجنس و أما كون الجنس مرادا من حيث تحققه في ضمن فرد ما أو جميع الافراد فمستفاد من أمر خارج كما نبهنا عليه بخلاف العهد الخارجي فإن اللام فيه لتعيين الفرد ولا يكفي فيه التعيين الجنسي فوجب أن يكون تعيينا آخر فاتضح التغاير بين التعيينين وبه حصل التغاير بين القسمين ثم استظهر المحقق الشريف أن يكون العهد الخارجي موضوعا بوضع آخر عام بإزاء خصوصية كل معهود ويظهر ضعفه مما مر فإن وضع اللام للإشارة إلى الجنس باعتبار تعين من التعينات اللاحقة له كاف في حصول هذه الأقسام ولا حاجة إلى الالتزام بتعدد الموضع هذا فظهر مما قررنا أن الفرق بين العهد الذهني و الخارجي من وجهين الأول أن الحقيقة في العهد الذهني مقيد بفرد غير معين وفي العهد الخارجي مقيدة بفرد معين الثاني أن تقييد الحقيقة بالفرد في العهد الذهني إنما يعتبر بعد أخذها متعينة ومتميزة بالإشارة إذ الإشارة لا تقع إلى غير معين وفي العهد الخارجي يعتبر قبله لصحة الإشارة إلى الحقيقة المقيدة بخصوصية معينة الثالث أن يشار بها إلى جميع أفراد الحقيقة ويسمى بلام الاستغراق كما في قولك أكرم العلماء حيث لا عهد فإن اللام فيه للإشارة إلى ما دل عليه لفظ علماء من مجموع الافراد كما سيأتي وأنت إذا أحطت خبرا بما حققناه في المقام تبين عندك أن اللام موضوعة بالوضع الحرفي لمعنى وحداني وهي الإشارة إلى مدلول مدخولها وأن الأقسام المذكورة ناشئة من انقسام التعيين المعتبر في صحة الإشارة إليها و اتضح لديك بطلان القول بأن اللام مشتركة بين هذه المعاني بالاشتراك اللفظي أو المعنوي أو حقيقة في البعض ومجاز في البعض كما ذهب إلى كل بعض واعلم أن اللام لا يجامع التنوين والسر فيه أن تنوين التنكير يقتضي تقييد مدلول مدخولها بأحد مصاديقه مأخوذا باعتبار عدم اعتبار تعيينه للمخاطب حال الاطلاق واللام يقتضي أخذه باعتبار التعيين حال الاطلاق فيتدافعان وأما عدم مجامعتها لتنوين التمكن فلكونها على صورة التنكير أو لمنع الواضع وأما عدم مجامعتها مع الإضافة فلان قضية الإضافة تعيين مدلول المضاف بنسبته إلى ما أضيف إليه ولو في الجملة فلا يصح اعتبارها في المنكر لكونه مأخوذا بشرط عدم اعتبار التعيين حال الاطلاق مطلقا ولا ينافيه جواز تعيينه بالوصف لتأخر اعتباره عن حال الاطلاق مع أن مفاد الوصف مجرد التقييد دون التعيين ولو في الجملة وإن كان قد يستلزمه فلا يلائم اعتبارها في المعرف لتعينه بدون الإضافة وحيث إن لا منافرة كلية بينهما فقد رخص في الجمع بينهما في بعض الموارد كما قرر في محله ثم هاهنا مباحث جليلة سيرد عليك تحقيقها مفصلا وينبغي التنبيه على أمور الأول المتداول المعروف في موارد استعمال اسم الجنس من منكرة ومعرفة بأقسامه أن يطلق ويراد به الجنس من حيث هو ويراد الخصوصية حيثما تكون مرادة من غير لفظه ولو بقرينة حالية وإطلاقه على الفرد من حيث الخصوصية بالمعنى الذي جعلناه مجازا وإن جاز بالنظر إلى وجود العلاقة لكن لم يثبت وقوعه في مقام لان القرائن المتداولة التي تدل على إرادة الجنس باعتبار الفرد لا تدل على إرادة ذلك من لفظ الجنس بل إنما هي كاشفة عن حصول تلك الإرادة وظاهر أنه لا يصار إلى حمل اللفظ على معناه المجازي ما لم يقم قرينة موجبة لذلك وعلى هذا القياس من صيغة الامر على ما اخترناه من أنها موضوعة للطلب المطلق المشترك بين الايجاب والندب فإنها لم تقع مستعملة فيما هو المعهود من موارده إلا في مجرد الطلب وإنما يفهم الايجاب والندب من الشواهد الخارجية فيسقط ما قيل عليه من لزوم التجوز فيها في أغلب موارد استعمالها نظرا إلى أنها تستعمل غالبا في مقام الايجاب أو الندب وذلك لأنه إنما يلزم التجوز فيها حينئذ إذا أريد منها الايجاب أو الندب وقد عرفت أن الامر على خلافه الثاني قد ذكرنا أن المراد باسم الجنس الماهية من حيث هي وبمعرفه الماهية لا من حيث هي بل من حيث تعين جنسي أو شخصي لاحق لها فربما يرى أن بينهما تنافيا لان إرادة الماهية من حيث هي تنافي إرادتها لا من حيث هي ووجه الدفع أن هناك إرادتين إرادة من لفظ الجنس وإرادة من غيره فإرادة
(١٦٧)