الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٦٥
الفرد من لفظه وإلا لكان قصرا في دلالته بل من غيره وأما استعماله فيه بقصر دلالته عليه فلا ريب في كونه مجازا لكونه مستعملا في غير معناه لمكان ضميمة الخصوصية ولا إشعار في شئ من هذين الاستعمالين بالحصر فظهر أن للكلي بالنسبة إلى الفرد في إطلاقه عليه أو حمله عليه هو باعتبار الاطلاق أو الحمل اعتبارات خمسة يشتمل اثنان منها على إفادة الحصر دون البواقي وهما لا يتأتيان في محل البحث بل محل البحث هو القسم الأول وأما أن كلامهم لا يساعد عليها فلان قولهم إطلاق العام على الخاص باعتبار الخصوصية مجاز مما لا إشعار فيه بالمعنى المذكور بل صريح فيما ذكرناه وهو أن يطلق العام أعني الكلي ويراد به الخاص مع قيد الخصوصية فإن الخاص مشتمل على ماهية العام وخصوصية لاحقة لها فإذا أطلق على الخاص باعتبار تحقق ماهية العام فيه كان حقيقة لأنه في الحقيقة إطلاق له على ماهية العام لا غير كما عرفت وكونه في ضمن خصوصية إنما أريد من غير لفظه وإن أطلق وأريد معها الخصوصية أو التقييد بها كان مجازا لان اللفظ غير موضوع للمركب فإن قلت العام و الخاص متحدان في الخارج وإن تمايزا بحسب العقل فإطلاق لفظ العام على الخاص الخارجي سواء كان باعتبار عمومه أو خصوصه أو المجموع لا يكون إلا حقيقة قضاء لحكم العينية فلا يتم ما ذكرت من التفصيل قلت لفظ العام أعني الكلي موضوع للماهية من حيث هي لا من حيث تحققها في الذهن ولا من حيث تحققها في الخارج كما هو التحقيق فإطلاقه على الماهية الخارجية على الحقيقة لا بد أن يكون لا من حيث كونها خارجية بل من حيث هي وهي بهذا الاعتبار وإن كانت عين كل خاص إلا أنها لا اختصاص لها بمعين فتخصيصها به في الاستعمال يوجب إرادتها منه مع الخصوصية واللفظ غير موضوع لها كذلك فيكون مجازا لا محالة ثم اعلم أن تنوين التنكير كما يأتي لإفادة الوحدة الشخصية فيؤكد حينئذ بنفي المثنى و المجموع بطريق قصر الافراد الفردي نحو جاءني رجل لا رجلان ولا رجال كذلك تأتي لإفادة الوحدة الجنسية بطريق قصر القلب أو الافراد الجنسي فيؤكد بنفي الجنس الاخر نحو جاءني رجل لا امرأة كذا قيل والأظهر أن التنوين في المقامين لإفادة التنكير أعني أخذ الماهية مقيدة بأحد تشخصاتها الفردية كما هو مفادها في سائر المواضع لكن الحكم المتعلق بمدخولها قد يعتبر تعلقه به لا بشرط أي من غير اعتبار زائد عليه كما هو الظاهر من الاطلاق و حينئذ فلا ينافي تعلقه بفرد آخر ولا بنوع آخر ولهذا يصح أن يقال جاءني رجل ورجل آخر أو امرأة وقد يعتبر تعلقه به بشرط لا و حينئذ فقد يؤخذ ذلك بالقياس إلى نفس مدلول المدخول أعني الجنس فيدل على نفيه عن جنس آخر اعتبر الحصر بالقياس إليه فيقال جاءني رجل لا امرأة ويجوز أن يكون تنوينه حينئذ للتمكن وقد يؤخذ بالقياس إلى مدخوله منونا أعني أحد الافراد فيدل على نفيه عن الزائد فيقال جاءني رجل لا رجلان ولا رجال وقد يؤخذ بالقياس إليهما فيدل على نفيه عن جنس آخر وعن الزائد فيقال جاءني رجل لا امرأة ولا رجلان الرابعة أن يلحقه لام التعريف وهي حرف وضعت للإشارة إلى الحقيقة المتعينة باعتبار تعينها الجنسي أو الشخصي وإنما احتيج إلى اعتبار التعيين لان الإشارة لا تقع بدونه و يمكن القول بأنها موضوعة لملاحظة مدلول مدخولها متعينا بالتعين الجنسي أو الشخصي مجردا عن اعتبار الإشارة والأول أظهر و مثلها أم في لغة ثم إنها تأتي لأمور الأول أن يشار بها إلى الحقيقة المتعينة بالتعين الجنسي باعتبار تعينها الجنسي وينقسم إلى أقسام ثلاثة لان الحقيقة المأخوذة بالاعتبار المذكور إما أن تجرد عن اعتبار تحققها في الفرد أو تؤخذ باعتبار تحققها فيه وعلى التقدير الثاني إما أن يعتبر تحققها في جميع الافراد أو فرد لا بعينه فالأول هو المعرف بلام الجنس والحقيقة كما في قولك الرجل خير من المرأة فإن اللام في الرجل والمرأة إشارة إلى الحقيقتين باعتبار تعينهما الجنسي فكأنه قيل هذه الحقيقة المتعينة خير من هذه الحقيقة المتعينة ومنه اللام الداخلة على المحدود كقولهم الانسان حيوان ناطق فإن التعريف لا يكون إلا للماهية من حيث هي وحيث إن الإشارة المستفادة من اللام تقتضي ملاحظة الحقيقة المشار إليها بتعينها الجنسي أوجبت تعريف مدخولها وميزت مصحوبها عن المجرد عنها و إن كان المعنى متعينا في نفسه على التقديرين بيان ذلك أن المعرفة عبارة عما دل وضعا على معين باعتبار كونه معينا فاسم الجنس إذا تجرد عن اللام دل على معين لكن لا باعتبار كونه معينا إذ لم يوضع له كذلك ومصاحبة التعيين غير اعتباره وملاحظته ولهذا كانت نكرة وإذا قرن بها دل على معين باعتبار كونه معينا فتكون معرفة وعلى قياسه علم الجنس كأسامة فإنها موضوعة للماهية المعينة باعتبار تعينها الجنسي أو الذهني ولهذا يعد معرفة ويعامل معاملتها وبه يفرق بينه وبين اسم الجنس الموضوع للماهية المعينة لا باعتبار تعينها كأسد ولا فرق بين علم الجنس والمعرف بلام الجنس إلا أن التعريف في الأول ذاتي وملحوظ في وضع الكلمة وفي الثاني عارضي وطار على الكلمة بضميمة أمر خارج وأن الثاني يتضمن الإشارة إلى الماهية بخلاف الأول هذا على ما نراه من أن المعتبر في المعرف بلام الجنس وعلمه هو التعين الجنسي لكن المتداول في كتب القوم وغيرهم أن المعتبر فيها التعيين الذهني حيث صرحوا بأن أسدا يدل على الماهية الحاضرة في الذهن لكن لا باعتبار حضورها وتميزها فيه ولفظ الأسد وأسامة يدلان عليها باعتبار حضورها وتميزها فيه وهذا أيضا لا يخلو من وجه إلا أن الأول أسد وأقرب إلى الاعتبار والفرق بين التعين الجنسي والتعين الذهني مما لا يكاد يخفى فإن الأول مما يثبته العقل للماهية وإن قطع النظر عن وجودها فيه والثاني لا يثبته إلا بملاحظة وجودها فيه فإن قلت إذا كان كل من علم الجنس والمعرف بلامه عبارة عن الماهية الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها وتميزها فيه كما يقولون لكان معنى أكرم الرجل أكرم الماهية الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها فيه ولكان معنى رأيت أسامة رأيت الماهية الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها فيه و ظاهر أن الماهية باعتبار
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»