في الذهن مما لا يصلح لتعلق الاكرام والرؤية به وعلى قياسه سائر الموارد قلت يمكن التفصي عنه بأن ملاحظة الماهية باعتباره فإطلاق اللفظ عليه لا يوجب أن يكون الحكم عليها بذلك الاعتبار فيجوز أن يلاحظ الماهية باعتبار حضورها في الذهن ويحكم عليها باعتبار آخر وفيه تعسف واعلم أن الغالب دخول لام الجنس على المفرد وقد يدخل على الجمع كما في قولهم فلان يركب الخيل و المراد ركوبه على جنسها لكنه قليل لا يصار إليه إلا لقرينة ثم اعلم أن الخبر كثيرا ما يعرف بلام الجنس قصد إلى قصره على المبتدأ و لو على سبيل المبالغة كما في قولك زيد الأسد وأنت الرجل وقد سبق تحقيق الكلام فيه وحينئذ فيتحقق للمعرف بلام الجنس قسم رابع وهو أن يشار بلامه إلى الجنس باعتبار تمام تحققه وتحصله في الخارج من غير اعتبار لكونه فردا أو أفراد فإن للماهية بهذا الاعتبار نوع تعين وتميز فيصح الإشارة إليها بهذا اللحاظ واعلم أيضا أن المعرف بلام الجنس قد يحكم على مدلوله باعتبار تحققه في الخارج نحو النار حارة وقد يحكم عليه باعتبار تحققه في الذهن نحو الحيوان جنس وقد يحكم عليه من حيث هو مجردا عن الاعتبارين نحو الانسان حيوان ناطق ويعبر عن هذا الاعتبار بمرتبة التقرر وقد يحكم عليه بالاعتبارين نحو اللاشئ ليس بموجود والثاني هو المعرف بلام الاستغراق الجنسي نحو الانسان لفي خسر والثالث هو المعرف بلام العهد الذهني كما في ادخل السوق حيث لا عهد وليس مفاد اللام في هذين القسمين إلا الإشارة إلى الحقيقة باعتبار تعينها الجنسي وإنما يستفاد اعتبار كونها في ضمن جميع الافراد أو بعضها من أمر خارج كقرينة الاستثناء في الأول وتعلق ادخل به في الثاني وحيث إن مفاد المعهود الذهني بعد اعتبار القرينة فرد من الحقيقة لا بعينه كان بحكم النكرة وصح وصفه بها كما في قوله ولقد أمر على اللئيم يسبني بناء على أن يسبني صفة للئيم نعم فرق بينه و بين النكرة من حيث إن الحقيقة في العهد الذهني مأخوذة باعتبار تعينها الجنسي أو حضورها الذهني لمكان اللام ولهذا قد تعامل معاملة المعارف و في النكرة مجردة عن هذا الاعتبار ويظهر من بعض المعاصرين أن المعرف بلام العهد الذهني مستعمل في فرد لا بعينه باعتبار معهودية الفرد وكونه جزئيا من جزئيات الماهية ومثل له بالمثال المذكور وقال فإنه لا يجوز فيه إرادة الماهية من حيث هي ولا من حيث وجودها في ضمن جميع الافراد بقرينة إسناد الدخول إليه ولا من حيث وجودها في ضمن فرد معين إذ التقدير عدم التعيين فيتعين إرادة فرد منه لا بعينه وفيه نظر أما أولا فلان قرينة ادخل إنما يقتضي أن يكون الامر بالدخول متعلقا بالماهية من حيث تحققها في ضمن فرد ما أما كونه مرادا من اللفظ الدال عليها فلا فلا يصار إليه لمجازيته من غير قرينة وأما ثانيا فلان معهودية الماهية لا توجب معهودية فرد غير معين منها وإن اعتبر من حيث كونه جزئيا من جزئياتها وإنما الثابت معهودية الماهية فقط وحينئذ فلا يصح أن يجعل اللام للإشارة إلى الفرد المراد نظرا إلى تعيين الماهية وأما ثالثا فلانه يرى وجود الطبائع في الخارج ويقول بجواز تعلق الاحكام بها من حيث هي وحينئذ فليس في تعليق الدخول على السوق دلالة على إرادة الفرد لجواز تعليقه على الماهية من حيث هي وإنما يلزم الاعتبار المذكور عند من يمنع جواز تعلق الاحكام بالطبائع من حيث هي كما هو المختار ثم التعريف بلام العهد الذهني كما يتحقق في المفرد وهو الغالب كذلك يتحقق في المثنى والمجموع ومثل للأخير بقوله تعالى من النساء والولدان لا يستطيعون حيلة فإن المراد بالجمع أفراد غير معلومة بقرينة الوصف بالنكرة فيكون اللام للإشارة إلى الطبيعة من حيث هي ويكون اعتبار تحققها في ضمن أفراد غير معينة طارئا على اعتبار التعريف كما في تعريف المفرد بها لا سيما إذا اشتمل على مفرد من لفظه فإن أداة الجمع حينئذ يجوز أن تكون لاحقة للمعرف بلام الجنس أن اللام داخلة على المجموع وكذا الحال في تثنية علم الجنس وجمعه واعلم أن ما قررناه من أن المعرف بلام العهد الذهني والاستغراق الجنسي راجع إلى المعرف بلام الجنس هو المطابق لما قرره بعض المحققين كالتفتازاني و غيره وخالف فيه بعض المعاصرين فمنع من رجوعهما إليه لان مدلول المعرف بلام الجنس الماهية المعراة عن ملاحظة الفرد فاستعماله في الفرد استعمال له في غير ما وضع له فإنه وإن لم يوضع بإزاء الماهية بشرط التعري عن ملاحظة الفرد لكنه وضع لها في حال التعري والأوضاع توقيفية فلا رخصة في إرادة غيرها معها ثم اختار كونه مجازا فيهما وفيه ما فيه فإن المعرف بلام الجنس في القسمين غير مستعمل في الفرد كما ذكره في بيان المنع بل في الماهية المتعينة من حيث تعينها واعتبارها من حيث وجودها في ضمن فرد غير معين أو جميع الافراد مراد من غير لفظه كما صرح به أولا عند نقل مقالتهم فلا يكون مستعملا إلا في معناه وكونه موضوعا للماهية في حال التعري عن الفرد راجع إلى كونه موضوعا لها لا بشرط التعري فلا ينافي اعتبار تقييدها بالفرد إذا أريد من أمر آخر ولولا ذلك لامتنع تركيب الألفاظ بحسب مداليلها الحقيقية الثاني أن يشار بها إلى مدلول مدخولها المتعين بالتعين العهدي باعتبار كونه كذلك ففي المفرد يشار بها إلى الحقيقة المتعينة كذلك وفي التثنية والجمع يشار بها إلى الفردين المتعينين أو الافراد المتعينة كذلك ويسمى هذا بالمعهود الخارجي ثم هذا التعيين قد يكون حضوريا كما في قولك يا أيها الرجل فإن اللام في الرجل إشارة إلى الحقيقة المتعينة بالحضور باعتبار كونها كذلك وكذلك نحو يا أيها الرجلان ويا أيها الرجال فإن اللام فيهما للإشارة إلى الفردين الحاضرين أو الافراد الحاضرة باعتبار كونها كذلك وقد يكون ذكريا كما في قوله تعالى كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاللام في الرسول إشارة إلى الحقيقة المتعينة بالذكر باعتبار كونها كذلك وكذلك جاءني رجلان أو رجال فأكرمت الرجلين أو الرجال وبيانه يظهر مما مر وقد يكون بغير ذلك كما في قولك جاءني الرجل الذي كان معنا أمس أو
(١٦٦)