الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٦٩
ادخل السوق فلا ينافي كونه حقيقة وهذا معنى قولهم إنه من باب إطلاق الكلي على الفرد لا من حيث الخصوصية ولا يقدح كون المعرف بلام الجنس معناه الماهية المعينة المعراة عن ملاحظة الافراد فإن المراد كونها معراة عن ملاحظة الافراد على أن تكون الافراد مرادة من لفظها فلا ينافي ملاحظة الافراد بدلالة خارجة وإلا لبطلت الحقائق عند طريان التركيب عليها ومن هنا يظهر ضعف قوله وبأن المعرف موضوع للماهية إلخ ولا يلزم إلغاء اللام إذا لم يكن لها مدخل في دلالة الكلي على الفرد إذ ليس الغرض من الاتيان بها الدلالة على ذلك بل على أخذ الجنس من حيث كونه متعينا ومتميزا و التقسيم ناظر إلى انضمام الاعتبارات الخارجة إلى المقسم فإن إرادة الالغاء بالنسبة إلى تلك الاعتبارات بمعنى عدم دلالتها عليها فلا محذور ومعنى وجود الكلي في ضمن فرد ما وجوده في ضمن كل فرد اعتبر تقيده به على البدلية والترديد وبعبارة أخرى المراد وجوده بوجود الكلي المقيد بأحد أفراده على البدلية وهذا المعنى مما لا غبار عليه ولو جعلنا فردا ما كليا فلا ريب في اشتماله على مفهوم الكلي وزيادة اعتبارية كالفرد المعين فحيثما يوجد فرد ما يوجد الكلي في ضمنه فمعنى وجوده في ضمنه وجوده في ضمنه عند وجوده وأما الايراد الذي أورده على نفسه فواضح الورود ولا يختص بالمدخول بل يجري في جميع الحقائق كما نبهنا عليه وأما ما أجاب به عنه فغير متضح المقصود والظاهر أنه يريد بالحمل حمل مدلول مدخول اللام بحسب وضعه الافرادي على مدلول المعرف بحسب وضعه التركيبي وهو كما ترى لأنه إن أراد أن بينهما حملا بحسب مفاد اللفظ فواضح السقوط وإن أراد إمكان اعتبار الحمل بينهما فهو مع خلوه عن الجدوى مما لا يساعد كلامه السابق عليه فإن المفهوم منه كون الاطلاق حقيقة لا كون الحمل حقيقة و مع ذلك ينافيه قوله و هو غير متصور في العهد الذهني لعدم صحة حمل الطبيعة على فرد ما لا معنى العهد الذهني على مذهبه أيضا فرد ما من الطبيعة غاية الامر أنه يجعله مجازا فيه وهو لا يصحح الحمل عليه حقيقة كما يقتضيه بيانه ثم إنكاره لصحة حمل الطبيعة على فرد ما مما لا يصغى إليه لان فردا ما إذا كان متحدا مع الطبيعة في الخارج جاز حملها عليه باعتباره يدلك على ذلك صحة قولك جئني بإنسان يكون عالما وقوله فإن فردا ما لا وجود له في الخارج إن أراد أن لا وجود له خارجا عن الافراد المعينة فغير مفيد إذ لا يعتبر ذلك في صحة الحمل وإن أراد أن لا وجود له أصلا فإن أراد بفرد ما أحد الافراد لا بشرط التعيين ففساده ظاهر لوجوده بوجود الافراد المعينة والمعنى المأخوذ لا بشرط يجامع كل شرط و إن أراد بشرط عدم التعيين فهو ليس بالمعنى المبحوث عنه وأما ما التزم به في لفظ النكرة من إثبات وضع نوعي لها فمما لا أصل له كما نبهنا عليه وأما إبطاله لكونها بمعنى الكلي الموجود في ضمن الفرد بأنه لا وجود له فيه بالفعل فغير سديد إذ لا يعتبر في إطلاق اللفظ حقيقة وجود معناه في الخارج حال الاطلاق وإلا لكان المقصود بالامر المستعمل على وجه الحقيقة تحصيل الحاصل بل ولا وجوده في غير حال الاطلاق كما إذا لم يتفق صدور الفعل من المأمور مع أن الرجل في المثال الذي ذكره موجود حال الاطلاق غاية الامر أنه لم يعتبر تعينه وهو لا ينافي وجوده مع التعينات وأما إخراج القوم للعهد الخارجي عن المعرف بلام الجنس فوجهه واضح مما قررنا فإن مدلول المعرف بلام العهد الخارجي هو الجنس باعتبار تعيينه الخارجي وهو يغاير مدلول المعرف بلام الجنس لان مدلوله الجنس باعتبار تعيينه الذهني أو الجنسي وأما إدخال المعهود الذهني فيه فوجهه ظاهر مما بيناه ثم قد تبين مما قررنا أن المعهود الخارجي يستعمل في الفرد المعين حقيقة وأن خصوصية الفرد مرادة من قرينة الإشارة لا من لفظ الجنس وأن ما ادعاه من أن استعمال العام في الخاص يقتضي الحصر مما لا وجه له كما مر سابقا ثم ما زعمه من أن الحسن والقبح والحل والحرمة يتعلق بالطبائع من حيث هي قد أفسدناه في بعض مباحث النهي بما لا مزيد عليه وكذا ما زعمه من أن الامر بالطبيعة يستلزم الامر بأفرادها من باب المقدمة قد بينا ما فيه في بحث المقدمة مع أنه لو تم فإنما يتم في الطبيعة المأمور بها دون ما تعلقت به كما هو محل البحث فصل الجمع المعرف يقتضي العموم حيث لا عهد وعليه محققو مخالفينا ولا خلاف فيه بين أصحابنا على ما حكاه بعضهم وكأنه لم يعتد بخلاف السيد أو أراد نفي الخلاف عند من قال بأن للعموم لفظا يخصه أو يرى أن السيد لا ينكر إفادته للعموم حينئذ لغة ولو بالنظر إلى ظهور اللفظ فيه وإن لم يختص عنده بحسب الوضع لكن يأبى عنه ما أورده في الاحتجاج على إثبات النقل الشرعي في ألفاظه أو أراد بالجمع المعرف ما ورد منه في الشريعة لئلا يخرج المسألة عن مسائل الفن وأراد بالاقتضاء الاقتضاء في الجملة ولو بحسب الشرع وهذا أقرب المحامل كما لا يخفى و كيف كان فالمسألة واضحة بعد ملاحظة العرف واللغة وأثر الشك فيها هين فلا ينبغي أن يلتفت إليه ثم هنا مباحث لا بد من التنبيه عليها الأول إفادة الجمع المعرف للعموم ليست لكون اللام فيه موضوعة للعموم كما سبق إلى أوهام كثير من القاصرين ولا لكون المركب من الجمع والأداة موضوعا بوضع نوعي لذلك كما توهمه بعض المعاصرين بل لعدم تعين شئ من مراتب الجمع عند الاطلاق بحيث يصلح لان يشار إليه لدى السامع سوى الجميع فيتعين للإرادة بيان ذلك أن مدلول الجمع عبارة عما فوق الفردين لان أداته الملحقة بمفرده و هو اسم الجنس المجرد موضوعة بوضع حرفي لملاحظة مدلول ما لحقت به متحدا مع ما زاد على الفردين وقد مر أن اللام موضوعة للإشارة إلى ما يتعين من مدلول مدخولها فهي في الجمع للإشارة إلى الافراد المتعينة فحيثما يكون هناك ما يقتضي تعيين جملة من الافراد كعهد أو وصف أو شبهه كانت الإشارة راجعة إليها وإلا تعين الحمل على الجميع لأنه المتعين عند السامع بخلاف ما دونه من المراتب حتى أقل الجمع لتردده عنده بين كل جملة فلا يصلح لرجوع الإشارة إليه وقريب من ذلك الوجه في إفادة الموصولات للعموم حيث لا عهد مع أنها حقيقة في الخصوص عند العهد نحو زيد الذي أكرم أباك وذلك لأنها موضوعة لمعانيها
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»