الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٧٠
المتعينة بصلاتها من حيث كونها متعينة بها مع تضمن بعضها للإشارة أيضا كالذي والتي وأولى ولولا ذلك لما كانت معارف ولتمت معانيها بدون صلاتها ولا ريب أن معانيها إنما تتعين بصلاتها إذا كانت معهودة باعتبارها أو أخذت من حيث حلولها في جميع الافراد المقيدة بها فحيث لا عهد يوجب المصير إلى الأول يتعين الثاني فهي في المعنى إما بمنزلة المعرف بلام العهد أو المعرف بلام الاستغراق ولا فرق فيما ذكرناه بين مفرد الموصول ومثناه ومجموعه وكذا لا فرق في ذلك بين أن يكون الجمع موضوعا للماهية المقيدة بإحدى المراتب كما هو المختار وبين أن يكون موضوعا بالوضع العام لخصوصية كل مرتبة من المراتب كما هو أبعد الوجوه في الجمع إذ لا تعيين لغير الجميع على التقديرين كما بيناه وأما نحو قولهم فلان يركب الخيل حيث لا يقصد به إلا الركوب على جنسها من غير اعتبار لكونه فيما فوق الاثنين فمبني على المسامحة في التعليق حيث علق الفعل المتعلق بالبعض على الكل على حد قرأت الكتاب ولمست الثوب أو على استعمال الجمع في مدلول اسم جنسه بإلغاء وصف الجمعية مجازا وأما ما يقال من أن الجمع فيه باق على معناه وأن الإشارة فيه راجعة إلى جنس الافراد لا إليها فإن أريد بجنس الافراد جنس مفهومها فغير سديد لان الفردية الملحوظة في الجمع بمعنى حرفي لا يصلح للإشارة إليه وإن أريد به جنس معروضها أعني مدلول المفرد فقد يشكل بأن الجنس في مدلول الجمع مأخوذ باعتبار تحققه في ضمن الافراد فإن أشير إليه بهذا الاعتبار كانت الإشارة إلى الافراد لا إلى الجنس وحده كما هو المقصود وإن أشير إليه مجردا عن الاعتبار المذكور فهو بهذا الاعتبار ليس بمدلول الجمع فلا يصلح لان يشار إليه باللام لأنها تختص بالإشارة إلى مدلول مدخولها نعم إذا كان الجمع مأخوذا عن مفرد معرف بلام الجنس صح ما ذكر فيه فيكون بمنزلة العهد الذهني في المفرد كما سبق الإشارة إليه لكن لا يستقيم اعتباره في المثال المذكور إذ لا مفرد له بل ولا فيما له مفرد لم يسلم بناؤه فيه كالجمع المكسر إذ التحقيق فيه أنه موضوع لما زاد على الفردين من مدلول مفرده بوضع وحداني نوعي أو شخصي كالمشتق على ما سبق تحقيقه ولا سبيل إلى اعتبار الإشارة إلى جز المعنى أعني الجنس فيجري فيما لا مفرد له أيضا لعدم مساعدة الاعتبار عليه ولا إلى القول باعتبار الواضع أخذه من المفرد المعرف أيضا فيكون كجمع علم الجنس في المعنى لاستلزامه صيرورة اللام جزا من الجمع وهو معلوم البطلان مضافا في المقام إلى عدم تعلق القصد بالركوب على الثلاثة أو ما زاد في موارد إطلاقه غالبا ولا يذهب عليك أن تطرق هذا الاحتمال المذكور حيث يصح لا ينافي ما قررناه من ظهور الجمع المعرف في الاستغراق للوجه السابق لبعد الاحتمال المذكور فإن الظاهر دخول اللام على المجموع لا دخول أداته على المعرف لان اتصالها بالكلمة أقوى من اتصال اللام بها الثاني إذا وقع الجمع المعرف في سياق النفي كما في قول القائل والله لا أتزوج الثيبات ولا أزور الفساق كان المفهوم منه السلب الكلي ولهذا يحنث إذا تزوج ثيبة أو زار فاسقا فإن حملنا الجمع حينئذ على العموم كما هو قضية إطلاقهم هناك أشكل الامر في وجه إفادته للسلب الكلي هنا فإن سلب العموم لا يستلزم إلا سلب الجزئي كما في قوله ما كل يتمنى المر يدركه وإن حملناه على الجنس على حد قولهم فلان يركب الخيل واستظهرنا منه ذلك حيثما يقع في سياق النفي ارتفع الاشكال المذكور لان نفي الجنس يقتضي نفي جميع الافراد لكنه ينافي إطلاقهم القول بأن الجمع المعرف يقتضي العموم حيث لا عهد من غير تخصيص له بسياق الاثبات اللهم إلا أن يقال تلك دلالة بالقرينة حيث يلزم في المثالين ونظائرهما عراء الكلام عن الفائدة لو حمل على العموم وثبوتها فيما لا يلزم ذلك فيه لو سلم استطرادا بمعونة العرف وكلامهم مبني على تقدير التجرد عن القرينة وما بحكمها و التحقيق أن يبنى على الوجه الأول ويجاب بأن السلب المتعلق بالعام يعتبر تعلقه به تارة من حيث الوصف أعني العموم وأخرى من حيث الموصوف أعني الافراد فإن أخذ باعتبار الأول كما يتعين في العام المسور بكل كان مفاده سلب العموم الذي هو في قوة السلب الجزئي لان رفع العموم لا يقتضي إلا رفع بعض الافراد وإن أخذ بالاعتبار الثاني كما يتعين في الجمع المعرف والمضاف والموصول كان مفاده السلب الكلي لتعلق السلب حينئذ بنفس الافراد لأنها معناها و كذلك الفعل المنفي يعتبر تارة إسناده إلى العام أو تعليقه به قبل اعتبار النفي فيه وذلك بأن يعتبر ورود النفي على الفعل المسند أو المعلق بالعام فلا يقتضي النفي حينئذ إلا نفيه عن البعض و يعتبر أخرى نفيه قبل اعتبار الاسناد أو التعليق بأن يسند المنفي إلى كل فرد أو يعلق به فيقتضي حينئذ عموم السلب فمن قبيل الأول قولك ما أكلت كل رمانة بل بعضها حيث نفيت الاكل المتعلق بكل فرد فلا يقتضي إلا سلبه عن البعض فلا ينافي إثباته للبعض ومن قبيل الثاني قوله تعالى إن الله لا يحب كل مختال فخور فإن المنفي فيه لم يتعلق بحب كل فرد بل الحب المنفي تعلق بكل فرد ولهذا كان مفاده عموم السلب فكون الجمع المحلى في سياق النفي للعموم لا ينافي عمومية السلب المتعلق به بمعونة العرف وسيأتي لهذا مزيد تحقيق إن شاء الله تعالى الثالث قال بعض المعاصرين قضية الأصل أن يكون الجمع المحلى باللام لاستغراق الجماعات دون الآحاد لان مدلول الجمع جنس الجماعة فإذا عرف باللام وأريد منه الاستغراق كان استغراقه لجميع ما يصدق عليه مدخوله من الجماعات فيكون على قياس المفرد حيث إن استغراقه عبارة عن تناوله لما يصدق عليه مدخوله من الافراد إلا أن الاتفاق والتبادر أخرجاه عن ذلك إلى العموم الافرادي بسلخ معنى الجمع منه والظاهر أن معناه الأصلي قد هجر وأن الهيئة التركيبية موضوعة لذلك بوضع مستقل هذا ملخص مرامه على ما يستفاد من تضاعيف كلامه وقد اقتفي في ذلك أثر جماعة ممن تقدموا عليه أقول وفساده ظاهر مما تلوناه عليك في تحقيق معنى اللام وما أوردناه في تحقيق الاستغراق في الجمع المعرف وإن شئت مزيد بيان للمرام وزيادة توضيح للمقام فنقول إن ما يساعد عليه التحقيق ويرشد إليه التدبر بالنظر الدقيق أن اللام موضوعة بوضع حرفي للإشارة إلى مدلول مدخولها أعني الجنس من غير فرق بين المفرد والمثنى والمجموع
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»