أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٦
منه أن الكذبات الثلاث المذكورة في الحديث عن إبراهيم كلها في الله تعالى، وأنها في الحقيقة من الصدق لا من الكذب بمعناه الحقيقي، وسيأتي إن شاء الله زيادة إيضاح لهذا في سورة (الأنبياء):
وقوله تعالى عن إبراهيم * (ياأبت) * التاء فيه عوض عن ياء المتكلم، فالأصل يا أبي كما أشار له في الخلاصة بقوله: ياأبت) * التاء فيه عوض عن ياء المتكلم، فالأصل يا أبي كما أشار له في الخلاصة بقوله:
* وفي النداء أبت أمت عرض * واكسر أو افتح ومن اليا التا عوض * وقوله تعالى في هذه الآية * (لم تعبد) * أصله (ما) الاستفهامية، فدخل عليها حرف الجر الذي هو (اللام) فحذف ألفها على حد قوله في الخلاصة: لم تعبد) * أصله (ما) الاستفهامية، فدخل عليها حرف الجر الذي هو (اللام) فحذف ألفها على حد قوله في الخلاصة:
* وما في الاستفهام إن جرت حذف * ألفها وأولها الها إن تقف * ومعلوم أن القراءة سنة متبعة لا تجوز بالقياس. ولذا يوقف على (لم) بسكون الميم لإبهاء السكت كما في البيت. ومعنى عبادته للشيطان في قوله * (لا تعبد الشيطان) * طاعته للشيطان في الكفر والمعاصي. فذلك الشرك شرك طاعة، كما قال تعالى: * (ألم أعهد إليكم يابنىءادم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدونى هاذا صراط مستقيم) * كما تقدم هذا المبحث مستوفي في سورة (الإسراء) وغيرها.
والآية تدل على أن الكفار المعذبين يوم القيامة أولياء الشيطان. لقوله هنا * (إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا) * والآيات الدالة على أن الكفار أولياء الشيطان كثيرة، وقد قدمنا كثيرا من ذلك في سورة الكهف وغيرها، كقوله تعالى: * (فقاتلوا أولياء الشيطان) *، وقوله: * (إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه) *، أي يخوفكم أولياءه. وقوله: * (إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله) * إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم. وكل من كان الشيطان يزين له الكفر والمعاصي فيتبعه في ذلك في الدنيا فلا ولي له في الآخرة إلا الشيطان. كما قال تعالى: * (تالله لقد أرسلنآ إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطن أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم) * ومن كان لا ولي له يوم القيامة إلا الشيطان تحقق أنه لا ولي له ينفعه يوم القيامة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (إنى قد جآءنى من العلم ما لم يأتك) *
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»