أخاف أن يكذبون ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بأاياتنآ إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) * فهذه الآيات تبين أنه سأل ربه أن يرسل معه أخاه، فأجاب ربه جل وعلا سؤاله في ذلك. وذلك يبين أن الهبة في قوله: * (ووهبنا) * هي في الحقيقة واقعة على رسالته لا على نفس هارون، لأن هارون أكبر من موسى، كما قاله أهل التاريخ. قوله تعالى: * (واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) *. أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يذكر في الكتاب وهو هذا القرآن العظيم (جده إسماعيل)، وأثنى عليه أعني إسماعيل بأنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا. ومما يبين من القرآن شدتة صدقه في وعده: أنه وعد أباه بصبره له على ذبحه ثم وفى بهذا الوعد. ومن وفى بوعده في تسليم نفسه للذبح فإن ذلك من أعظم الأدلة على عظيم صدقه في وعده. قال تعالى: * (فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شآء الله من الصابرين) * فهذا وعده. وقد بين تعالى وفاءه به في قوله: * (فلما أسلما وتله للجبين) *. والتحقيق أن الذبيح هو إسماعيل. وقد دلت على ذلك آيتان من كتاب الله تعالى دلالة واضحة لا لبس فيها. وسنوضح ذلك إن شاء الله غاية الإيضاح في سورة (الصافات). وثناؤه جل وعلا في هذه الآية الكريمة على نبيه إسماعيل بصدق الوعد يفهم من دليل خطابه أعني مفهوم مخالفته أن إخلاف الوعد مذموم. وهذا المفهوم قد جاء مبينا في مواضع أخر من كتاب الله تعالى. كقوله تعالى: * (فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بمآ أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا) * وقوله: * (ياأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * إلى غير ذلك من الآيات. وفي الحديث: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان).
وقوله تعالى في هذه الآية: * (وكان يأمر أهله بالصلواة والزكواة) *، قد بين في مواضع أخر أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك الذي أثنى الله به على جده إسماعيل، كقوله تعالى: * (وأمر أهلك بالصلواة واصطبر عليها) *. ومعلوم أنه امتثل