أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٠
قلت: علام عطف * (واهجرنى) * قلت على معطوف عليه محذوف يدل عليه (لأرجمنك) أي فاحذرني واهجرني. لأن * (لأرجمنك) * تهديد وتقريع طا ه. قوله تعالى: * (واذكر فى الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا) *. اعلم أن في قوله (مخلصا) قراءتين سبعيتين: قرأه عاصم وحمزة والكسائي بفتح اللام بصيغة اسم المفعول، والمعنى على هذه القراءة أن الله استخلصه واصطفاه: ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: * (قال ياموسى إنى اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) *. ومما يماثل هذه القراءة في القرآن قوله تعالى: * (إنآ أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) * فالذين أخلصهم الله هم المخلصون بفتح اللام، وقرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (مخلصا) بكسر اللام بصيغة اسم الفاعل. كقوله تعالى: * (ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) *، وقوله تعالى: * (قل الله أعبد مخلصا له دينى) *.
* (وناديناه من جانب الطور الا يمن وقربناه نجيا * ووهبنا له من رحمتنآ أخاه هارون نبيا * واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلواة والزكواة وكان عند ربه مرضيا * واذكر فى الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا * ورفعناه مكانا عليا * أولائك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية ءادم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسراءيل وممن هدينا واجتبينآ إذا تتلى عليهم ءايات الرحمان خروا سجدا وبكيا * فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلواة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وءامن وعمل صالحا فأولائك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا * جنات عدن التى وعد الرحمان عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا * لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا * تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا * وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذالك وما كان ربك نسيا * رب السماوات والا رض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا * ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا * أولا يذكر إلإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) * قوله تعالى: * (وناديناه من جانب الطور الا يمن وقربناه نجيا) *. قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: يقول تعالى ذكره: ونادينا موسى من ناحية الجبل. ويعني بالأيمن يمين موسى. لأن الجبل لا يمين له ولا شمال، وإنما ذلك كما يقال: قام عن يمين القبلة وعن شمالها، وهذه القصة جاءت مبينة في مواضع متعددة من كتاب الله تعالى. وذلك أن موسى لما قضى الأجل الذي بينه وبين صهره، وسار بأهله راجعا من مدين إلى مصر آنس من جانب الطور نارا، فذهب إلى تلك النار ليجد عندها من يدله على الطريق، وليأتي بجذوة منها ليوقد بها النار لأهله ليصطلوا بها. فناداه الله وأرسله إلى فرعون، وشفعه في أخيه هارون فأرسله معه، وأراه في ذلك الوقت معجزة العصا واليد ليستأنس بذلك قبل حضوره عند فرعون. لأنه لما رأى العصا في المرة الأولى صارت ثعبانا ولى مدبرا ولم يعقب. فلو فعل ذلك عندما انقلبت ثعبانا لما طالبه فرعون وقومه بآية لكان غير ذلك لائق، ولأجل هذا مرن عليها في أول مرة ليكون مستأنسا غير خائف منها حين تصير ثعبانا مبينا قال تعالى في سورة (طه): * (وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لاهله امكثوا إنىءانست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى فلمآ أتاها نودى ياموسى إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى لا تركضوا وارجعوا إلى مآ إننى أنا الله لا إلاه إلا أنا فاعبدنى وأقم
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»