تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ٧٣٩
ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة، ولا نشورا. * (وأن مردنا إلى الله) * تعالى فسيجازي كل عامل بعمله. * (وأن المسرفين هم أصحاب النار) * وهم الذين أسرفوا على أنفسهم، بالتجرؤ على ربهم، بمعاصيه، والكفر به، دون غيرهم. فلما نصحهم وحذرهم، وأنذرهم، ولم يطيعوه، ولا وافقوه، قال لهم: * (فستذكرون ما أقول لكم) * من هذه النصيحة، وسترون مغبة عدم قبولها، حين يحل بكم العقاب، وتحرمون جزل الثواب. * (وأفوض أمري إلى الله) * أي: ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوب عليه في صالحي، ودفع الضرر الذي يصيبني منكم، أو من غيركم. * (إن الله بصير بالعباد) * يعلم أحوالهم وما يستحقون: يعلم حالي وضعفي فيمنعني منكم، ويكفيني شركم، ويعلم أحوالكم، فلا تتصرفون إلا بإرادته ومشيئته. فإن سلطكم علي، فبحكمة منه تعالى، وعن إرادته ومشيئته صدر ذلك. * (فوقاه الله سيئات ما مكروا) * أي: وقى الله القوي، ذلك الرجل المؤمن الموفق، عقوبات ما مكر فرعون وآله له، ومن إرادة إهلاكه وإتلافه، لأنه بادأهم بما يكرهون. وأظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام، ودعاهم إلى ما دعاهم إليه موسى. وهذا أمر لا يحتملونه، وهم الذين لهم القدرة، إذ ذاك، وقد أغضبهم، واشتد حنقهم عليه، فأرادوا به كيدا فحفظه الله من كيدهم ومكرهم، وانقلب كيدهم ومكرهم، على أنفسهم. * (وحاق بآل فرعون سوء العذاب) * أغرقهم الله تعالى، في صيحة واحدة عن آخرهم. وفي البرزخ * (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * فهذه العقوبات الشنيعة، التي تحل بالمكذبين لرسل الله، المعاندين لأمره. * (وإذ يتحآجون في الن ار فيقول الضعفاء للذين استك بروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيهآ إن الله قد حكم بين العباد * وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب * قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) * يخبر تعالى عن تخاصم أهل النار، وعتاب بعضهم بعضا، واستغاثتهم بخزنة النار، وعدم الفائدة في ذلك فقال: * (وإذ يتحاجون في النار) * يحتج التابعون بإغواء المتبوعين، ويتبرأ المتبوعون من التابعين. * (فيقول الضعفاء) * أي: الأتباع * (للذين استكبروا) * على الحق، من القادة الذين دعوهم إلى ما استكبروا لأجله. * (إنا كنا لكم تبعا) * أنتم أغويتمونا، وأضللتمونا، وزينتم لنا الشرك والشر. * (فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار) * أي: ولو قليلا. * (وقال الذين استكبروا) * مبينين لعجزهم، ونفوذ الحكم الإلهي في الجميع: * (إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد) * وجعل لكل قسطه من العذاب، فلا يزاد في ذلك، ولا ينقص منها، ولا يغير ما حكم به الحكيم. * (وقال الذين في النار) * من المستكبرين والضعفاء * (لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب) * لعله تحصل بعض الراحة. * (وقالوا) * لهم موبخين، ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئا: * (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات) * التي تبينتم بها الحق، والصراط المستقيم، وما يقرب من الله، وما يبعد منه؟ * (قالوا بلى) * قد جاؤونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة، فظلمنا، وعاندنا الحق بعدما تبين. * (قالوا) * أي الخزنة، لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة: * (فادعوا) * أنتم ولكن هذا الدعاء، هل يغني شيئا أم لا؟ قال تعالى: * (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) * أي: باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال، صاد لإجابة الدعاء. * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) * أي: لما ذكر عقوبة آل فرعون في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة، وذكر حالة أهل النار الفظيعة، الذين نابذوا رسله، وحاربوهم، قال: * (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا) * أي: بالحجة والبرهان، والنصر. * (ويوم يقوم الأشهاد) * أي: في الآخرة بالحكم، ولأتباعهم بالثواب. ولمن حاربهم بشدة العذاب. * (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم) * حين يعتذرون * (ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) * أي: الدار السيئة، التي تسوء نازليها. * (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب * هدى وذكرى لأولي الألباب * فاصبر إن وعد الله حق واستغف ر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) * لما ذكر
(٧٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 734 735 736 737 738 739 740 741 742 743 744 ... » »»