تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٥٦
يعملا فيها بما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يعمل به فيها فتنازعا - إن الله تعالى قال: * (ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير) * (الحشر: 6) فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، ثم قال سبحانه: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فالله وللرسول ولذي القربى) * (الحشر: 7) إلى آخر الآية، ثم والله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال تعالى: * (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) * (الحشر: 8)، ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال سبحانه: * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا) * إلى قوله تعالى: * (رحيم) * (الحشر: 10) فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر، ولئن بقيت ليأتين الرويعي بصنعاء حقه ودمه في وجهه، وظاهر هذا الخبر يقتضي أن للمهاجرين سهما غير السهام السابقة، فلا يكون * (للفقراء) * بدل من - لذي القربى - وما بعده ولا مما بعده دونه، وكذا ظاهر ما في مصحف عبد الله. وزيد بن ثابت كما أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش - ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فالله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله - على أن الإبدال يقتضي ظاهرا كون اليتامى مهاجرين أخرجوا من ديارهم وأموالهم إلى آخر الصفات، وفي صدق ذلك عليهم بعد، وكذا يقتضي كون ابن السبيل كذلك، وفيه نوع بعد أيضا كما لا يخفى فلعله اعتبر تعلقه بفعل محذوف والجملة استئناف بياني، وذلك أنهم كانوا يعلمون أن الخمس يصرف لمن تضمنه قوله تعال: * (فالله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * (الحشر: 7) فلما ذكر ذلك انقدح في أذهانهم أن المذكورين مصرف الخمس ولم يعلموا مصرف الأخماس الأربعة الباقية فكأنهم قالوا: فلمن تكون الأخماس الأربعة الباقية. أو فلمن يكون الباقي؟ فقيل: تكون الأخماس الأربعة الباقية أو يكون الباقي * (للفقراء المهاجرين) * إلى آخره ولم أر من تعرض لذلك فتأمل، والله تعالى الهادي إلى أحسن المسالك.
* (ألم تر إلى الذين ن‍افقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكت‍ابلئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لك‍اذبون) *.
* (ألم تر إلى الذين نافقوا) * حكاية لما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة وتعجيب منها بعد حكاية محاسن أحوال المؤمنين على اختلاف طبقاتهم. والخطاب لرسول الله عليه الصلاة والسلام أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب، والآية كما أخرج ابن إسحق. وابن المنذر. وأبو نعيم عن ابن عباس نزلت في رهط من بني عوف منهم عبد الله بن أبي سلول. ووديعة بن مالك. وسويد. وداعس بعثوا إلى بني النضير بما تضمنته الجمل المحكية بقوله تعالى: * (يقولون) * الخ.
وقال السدي: أسلم ناس من بني قريظة. والنضير وكان فيهم منافقون فبعثوا إلى بني النضير ما قص الله تعالى، والمعول عليه الأول، وقوله سبحانه: * (يقولون) * استئناف لبيان المتعجب منه، وصيغة المضارع للدلالة على استمرار قولهم، أو لاستحضار صورته، واللام في قوله عز وجل:
* (لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكت‍اب) * للتبليغ؛ والمراد بإخوتهم الأخوة في الدين واعتقاد الكفرة أو الصداقة، وكثر جمع الأخ مرادا به ما ذكر على إخوان، ومرادا به الأخوة في النسب على إخوة، وقل خلاف ذلك، واللام في قوله تعالى: * (لئن أخرجتم) * موطئة للقسم؛ وقوله سبحانه: * (لنخرجن معكم) * جواب القسم أي والله لئن أخرجتم من دياركم قسرا لنخرجن من ديارنا معكم البتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»