والناس ألف منهم كواحد * وواحد كالألف إن أمر عنا ويفهم من الآية ذم الشح جدا، وقد وردت أخبار كثيرة بذمه، أخرج الحكيم الترمذي. وأبو يعلى. وابن مردويه عن أنس مرفوعا زما محق الإسلام محق الشح شيء قط "، وأخرج ابن أبي شيبة. والنسائي. والبيهقي في " الشعب ". والحاكم وصححه عن أبي هريرة مرفوعا " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان نار جهنم في جوف عبد أبدا ولا يجتمع الايمان والشح في قلب عبد أبدا ".
وأخرج أبو داود. والترمذي - وقال غريب - والبخاري في الأدب. وغيرهم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا " خصلتان لا يجتمعان في جوف مسلم البخل وسوء الخلق " وأخرج ابن أبي الدنيا. وابن عدي. والحاكم. والخطيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خلق الله تعالى جنة عدن وغرس أشجارها بيده ثم قال لها: انطقي فقالت: قد أفلح المؤمنون فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم * (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) * ".
وأخرج أحمد. والبخاري في " الأدب ". ومسلم. والبيهقي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح قد أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " إلى غير ذلك من الأخبار، لكن ينبغي أن يعلم أن تقوى الشح لا تتوقف على أن يكون الرجل جوادا بكل شيء، فقد أخرج عبد بن حميد. وأبو يعلى. والطبراني. والضياء عن مجمع بن يحيى مرفوعا " برىء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة ".
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله ما يقرب منه، وكذا ابن جرير. والبيهقي عن أنس، وأخرج ابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: من أدى زكاة ماله فقد وقى شح نفسه، وقوله تعالى:
* (والذين جآءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنآ إنك رءوف رحيم) *.
* (والذين جاءوا من بعدهم) * عطف عند الأكثرين أيضا على المهاجرين، والمراد بهؤلاء قيل: الذين هاجروا حين قوي الإسلام، فالمجيء حسي وهو مجيئيهم إلى المدينة، وضمير * (من بعدهم) * للمهاجرين الأولين، وقيل: هم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة، فالمجيء إما إلى الوجود أو إلى الإيمان وضمير * (من بعدهم) * للفريقين المهاجرين والأنصار، وهذا هو الذي يدل عليه كلام عمر رضي الله تعالى عنه وكلام كثير من السلف كالصريح فيه، فالآية قد استوعبت جميع المؤمنين، وجملة قوله تعالى: * (يقولون) * الخ حالية، وقيل: استئناف.
* (ربنا اغفر لنا ولإخواننا) * أي في الدين الذي هو أعز وأشرف عندهم من النسب * (الذين سبقونا بالإيمان) * وصفوهم بذلك اعترافا بفضلهم * (ولا تجعل في قلوبنا غلا) * أي حقدا، وقرىء غمرا * (للذين ءامنوا) * على الإطلاق * (ربنا إنك رءوف رحيم) * أي مبالغ في الرأفة والرحمة، فحقيق بأن تجيب دعاءنا، وفي الآية حث على الدعاء للصحابة وتصفية القلوب من بغض أحد منهم، وأخرج عبد بن حميد. وابن المنذر. وجماعة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية * (والذين جاءوا) * الخ.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رجلا وهو يتناول بعض المهاجرين فدعاه