تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢
سورة المجادلة بفتح الدال وكسرها، والثاني هو المعروف، وتسمى سورة - قد سمع - وسميت في مصحف أبي رضي الله تعالى عنه الظهار، وهي على ما روى عن ابن عباس. وابن الزبير رضي الله تعالى عنه مدنية؛ قال الكلبي وابن السائي: إلا قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * (المجادلة: 7)، وعن عطاء: العشر الأول منها مدني وباقيها مكي، وقد انعكس ذلك على البيضاوي، وأنها إحدى وعشرون في المكي والمدني الأخير، واثنتان وعشرون في الباقي، وفي التيسير هي عشرون وأربع آيات وهو خلاف المعروف في كتاب العدد.
ووجه مناسبتها لما قبلها أن الأولى ختمت بفضل الله تعالى وافتتحت هذه بما هو من ذلك، وقال بعض الأجلة في ذلك: لما كان في مطلع الأولى ذكر صفاته تعالى الجليلة، ومنها الظاهر والباطن، وقال سبحانه: * (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم) * (الحديد: 4) افتتح هذه بذكر أنه جل وعلا سمع قول المجادلة التي شكت إليه تعالى، ولهذا قالت عائشة فيما رواه النسائي. وابن ماجه. والبخاري تعليقا حين نزلت: " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله تعالى * (قد سمع) * " الخ، وذكر سبحانه بعد ذلك * (ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * (المجادلة: 7) الآية، وهي تفصيل لإجمال قوله تعالى: * (وهو معكم أينما كنتم) * وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد. والحشر مع تواخيهما في الافتتاح - بسبح - إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتأمل.
* (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكىإلى الله والله يسمع تحاوركمآ إن الله سميع بصير) *.
بسم الله الرحم‍ان الرحيم * (قد سمع الله) * بإظهار الدار، وقرأ أبو عمرو. وحمزة. والكسائي. وابن محيصن بادغامها في السين، قال خلف بن هشام البزار: سمعت الكسائي يقول: من قرأ قد سمع فبين الدال فلسانه أعجمي ليس بعربي، ولا يلتفت إلى هذا فكلا الأمرين فصيح متواتر بل الجمهور على البيان * (قول التي تج‍ادلك في زوجها) * أي تراجعك الكلام في شأنه وفيما صدر عنه في حقها من الظهار، وقرء - تحاورك - والمعنى على ما تقدم وتحاولك أي تسائلك * (وتشتكي إلى الله) * عطف على * (تجادلك) * فلا محل للجملة من الإعراب، وجوز كونها حالا أي تجادلك شاكية حالها إلى الله تعالى، وفيه بعد معنى، ومع هذا يقدر معها مبتدأ أي وهي تشتكي لأن المضارعية لا تقترن بالواو في الفصيح فيقدر معها المبتدأ لتكون إسمية، واشتكاؤها إليه تعالى إظهار بثها وما انطوت عليه من الغم والهم وتضرعها إليه عز وجل وهو من الشكو، وأصله فتح الشكوة وإظهار ما فيها، وهي سقاء صغير يجعل فيه الماء ثم شاع في ذلك، وهي امرأة صحابية من الأنصار اختلف في اسمها واسم أبيها،
(٢)
الذهاب إلى صفحة: 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»