تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٥
وقال الضحاك: كانت له صلى الله عليه وسلم خاصة فآثر بها المهاجرين وقسمها عليهم ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا أبا دجانة سماك بن خرشة. وسهل بن حنيف.
والحرث بن الصمة أعطاهم لفقرهم، وذكر نحوه ابن هشام إلا أنه ذكر الأولين ولم يذكر الحرث، وكذا لم يذكره ابن سيد الناس، وذكر أنه أعطى سعد بن معاذ سيفا لابن أبي الحقيق كان له ذكر عندهم، ومعني * (ما أوجفتم عليه) * ما أجريتم على تحصيله من الوجيف وهو سرعة السير، وأنشد عليه أبو حيان قول نصيب:
ألا رب ركب قد قطعت وجيفهم * إليك ولولا أنت لم توجف الركب وقال ابن هشام: * (أوجفتم) * حركتم وأتعبتم في السير، وأنشد قول تميم بن مقبل: مذ أويد بالبيض الحديث صقالها * عن الركب أحيانا إذا الركب أوجفوا والمآل واحد، و * (من) * في قوله تعالى: * (من خيل) * زائدة في المفعول للتنصيص على الاستغراق كؤنه قيل - فما أوجفتم عليه - فردا من أفراد الخيل أصلا * (ولا ركاب) * ولا ما يركب من الإبل غلب فيه كما غلب الراكب على راكبه فلا يقال في الأكثر الفصيح: راكب لمن كان على فرس. أو حمار ونحوه بل يقال: فارس ونحوه، وإن كان ذلك عاما لغيره وضعا. وإنما لم يعملوا الخيل ولا الركاب بل مشوا إلى حصون بن النضير رجالا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان على حمار. أو على جمل - كما تقدم - لأنها قريبة على نحو ميلين من المدينة فهي قريبة جدا منها، وكان المراد إن ما حصل لم يحصل بمشقة عليكم وقتال يعتد به منكم، ولهذا لم يعط صلى الله عليه وسلم الأنصار إلا من سمعت، وأما إعطاؤه المهاجرين فلعله لكونهم غرباء فنزلت غربتهم منزلة السفر والجهاد، ولما أشير إلى نفي كون حصول ذلك بعملهم أشير إلى علة حصوله بقوله عز وجل: * (ول‍اكن الله يسلط رسله على من يشاء) * أي ولكن سنته عز وجل جارية على أن يسلط رسله على من يشاء من أعدائهم تسليطا خاصا، وقد سلط رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على هؤلاء تسليطا غير معتاد من غير أن تقتحموا مضايق الخطوب وتقاسوا شدائد الحروب فلا حق لكم في أموالهم، ويكون أمرها مفوضا إليه صلى الله عليه وسلم * (والله على كل شيء قدير) * فيفعل ما يشاء كما يشاء تارة على الوجوه المعهودة، وأخرى على غيرها، وقيل: الآية في فدك لأن بني النضير حوصروا وقوتلوا دون أهل فدك وهو خلاف ما صحت به الأخبار، والواقع من القتال شيء لا يعتد به.
* (مآ أفآء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمس‍اكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الاغنيآء منكم ومآ ءات‍اكم الرسول فخذوه وما نه‍اكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) *.
* (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليت‍امى والمس‍اكين وابن السبيل) * بيان لحكم ما أفاءه الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم من قرى الكفار على العموم بعد بيان حكم ما أفاءه من بني النضير كما رواه القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج عن محمد بن إسحق الزخري عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ويشعر به كلامه رضي الله تعالى عنه في حديث طويل فيه مرافعة علي كرم الله تعالى وجهه. والعباس في أمر فدك أخرجه البخاري. ومسلم. وأبو داود. والترمذي. والنسائي. وغيرهم فالجملة جواب سؤال مقدر ناشىء مما فهم من الكلام السابق فكأن قائلا يقول: قد علمنا حكم ما أفاء الله تعالى من بني النضير فما حكم ما أفاء عز وجل من غيرهم؟ فقيل: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) * الخ، ولذا لم يعطف على ما تقدم، ولم يذكر في الآية قيد الإيجاف ولا عدمه، والذي يفهم من كتب بعض الشافعية أن تضمنته حكم
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»