تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٥٣
أبي هريرة قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أصابني الجهد فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا فقال عليه الصلاة والسلام: " ألا رجل يضيف هذا الرجل الليلة رحمه الله؟ فقام رجل من الأنصار - وفي رواية - فقال أبو طلحة: أنا يا رسول الله فذهب به إلى أهله فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية قال: إذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالى فاطفئي السراج ونطوي الليلة لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت ثم غدا الضيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لقد عجب الله الليلة من فلان وفلانة وأنزل الله تعالى فيهما * (ويؤثرون) * " الخ. وأخرج الحاكم وصححه. وابن مردويه. والبيهقي في " الشعب " عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال: إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداوله أهل سبعة أبيات حتى رجع إلى الأول فنزلت * (ويؤثرون على أنفسهم) * * (ولو كان بهم خصاصة) * أي حاجة من خصاص البيت وهو ما يبقي بين عيدانه من الفرج والفتوح، والجملة في موضع الحال، وقد تقدم وجه ذلك مرارا * (ومن يوق شح نفسه) * الشح اللؤم وهو أن تكون النفس كزة حريصة على المنع كما قال: / جسم] يمارس نفسا بين جنبيه كزة * إذا هم بالمعروف قالت له مهلا وأضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو المنع نفسه، وقال الراغب: الشح بخل مع حرص؛ وذلك فيما كان عادة، وأخرج ابن المنذر عن الحسن أنه قال: البخل أن يبخل الإنسان بمافي يده، والشح أن يشح على ما في أيدي الناس، وأخرج عبد بن حميد. وابن جرير. وابن أبي شيبة. وابن أبي حاتم. والبيهقي في " الشعب ". والحاكم وصححه. وجماعة عن ابن مسعود أن رجلا قال له: إني أخاف أن يكون قد هلكت قال: وما ذاك؟ قال: إني سمعت الله تعالى يقول: * (ومن يوق شح نفسه) * الآية وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج مني شيء فقال له ابن مسعود: ليس ذاك بالشح ولكنه البخل ولا خير في البخل، وإن الشح الذي ذكره الله تالى أن تأكل مال أخيك ظلما، وأخرج ابن المنذر. وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ليس الشح أن يمنع الرجل ما له ولكنه البخل إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له، ولم أر لأحد من اللغويين شيئا من هذه التفاسير للشح، ولعل المراد أنه البخل المتناهي بحيث يبخل المتصف به بمال غيره أي لا يود جود الغير به وتنقبض نفسه منه ويسعى في أن لا يكون، أو بحيث يبلغ به الحرص إلى أن يأكل مال أخيه ظلما أو تطمح عينه إلى ما ليس له ولا تسمح نفسه بأن يكون لغيره فتأمل.
وقرأ أبو حيوة. وابن أبي عبلة * (ومن يوق) * بشد القاف، وقرأ ابن عمر. وابن أبي عبلة * (شح) * بكسر الشين، وجاء في لغة الفتح أيضا، ومعنى الكل واحد، ومعنى الآية ومن يوق بتوفيق الله تعالى ومعونته شح نفسه حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الانفاق * (فأول‍ائك هم المفلحون) * الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مكروه، والجملة الشرطية تذييل حسن ومدح للأنصار بما هو غاية لتناوله إياهم تناولا أوليا، وفي الإفراد أولا والجمع ثانيا رعاية للفظ من ومعناها وإيماء إلى قلة المتصفين بذلك في الواقع عددا وكثرتهم معنى:
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»