تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٣٧
أن ناسا من أهل المدينة لما نزلت هذه الآية التي في البقرة في عدة النساء قالوا: لقد بقي من عدة النساء عدد لم تذكر في القرآن الصغار والكبار اللاتي قد انقطع عنهن الحيض وذوات الحمل، فأنزل الله تعالى في سورة النساء القصرى * (واللائي يئسن) * الآية، وفي رواية أن قوما منهم أبي بن كعب. وخلاد بن النعمان لما سمعوا قوله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * (البقرة: 228) قالوا: يا رسول الله فما عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر؟ فنزل * (واللائي يئسن) * الخ، فقال قائل: فما عدة الحالم؟ فنزل * (وأولات الأحمال) * الخ. ويعلم مما ذكر أن الشرط هنا لا مفهوم له عند القائلين بالمفهوم لأنه بيان للواقعة التي نزل فيها من غير قصد للتقييد، وتقدير متعلق الارتياب ما سمعت هو ما أشار إليه الطبري. وغيره، وقيل: إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس أهو دم حيض أو استحاضة فعدتهن الخ، وإذا كانت هذه عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك، وقال الزجاج: المعنى * (إن ارتبتم) * في حيضهن وقد انقطع عنهن الدم وكن ممن يحيض مثلهن، وقال مجاهد: الآية واردة في المستحاضة أطبق بها الدم لا تدري أهو دم حيض أو دم علة، وقيل: * (إن ارتبتم) * أي إن تيقنتم إياسهن، والارتياب من الأضداد والكل كما ترى.
والموصول قالوا: إنه مبتدأ خبره جملة * (فعدتهن) * الخ، * (وإن ارتبتم) * شرط جوابه محذوف تقديره فاعلموا أنها ثلاثة أشهر، والشرط وجوابه جملة معترضة، وجوز كون * (فعدتهن) * الخ جواب الشرط باعتبار الإعلام والإخبار كما في قوله تعالى: * (وما بكم من نعمة فمن الله) * والجملة الشرطية خبر من غير حذف وتقدير، وقوله تعالى:
* (واللائى يئسن من المحيض من نسآئكم إن ارتبتم فعدتهن ثل‍اثة أشهر والل‍اتي لم يحضن وأول‍ات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) *.
* (وال‍ائي لم يحضن) * مبتدأ خبره محذوف أي واللائي لم يحضن كذلك أو عدتهن ثلاثة أشهر، والجملة معطوفة على ما قبلها، وجوز عطف هذا الموصول على الموصول السابق وجعل الخبر لهما من غير تقدير، والمراد - باللائي لم يحضن - الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض.
واستظهر أبو حيان شموله من لم يحضن لصغر ومن لا يكون لهن حيض البتة كبعض النساء يعشن إلى أن يمتن ولا يحضن، ومن أتى عليها زمان الحيض وما بلغت به ولم تحض، ثم قال: وقيل: هذه تعتد سنة.
* (وأول‍ات الأحمال أجلهن) * أي منتهى عدتهن * (أن يضعن حملهن) * ولو نحو مضغة وعلقة ولا فرق في ذلك بين أن يكن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن كما روى عن عمر. وابنه، فقد أخرج مالك. والشافعي. وعبد الرزاق. وابن أبي شيبة. وابن المنذر عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال: إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب قال: لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت، وعن ابن مسعود فقد أخرج عنه أبو داود. والنسائي. وابن ماجه أنه قال: من شاء لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى * (وأولات الأحمال) * الخ نزل بعد سورة البقرة بكذا وكذا شهرا وكل مطلقة أو متوفى عنها زوجها فأجلها أن تضع حملها، وفي رواية ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري بسبع سنين ولعله لا يصح، وعن أبي هريرة. وأبي مسعود البدري. وعائشة - وإليه ذهب فقهاء الأمصار - وروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج عبد بن حميد في " زوائد المسند ". وأبو يعلى. والضياء في المختارة. وابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * أهي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها؟ قال: " هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها " وروى جماعة نحوه
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»