على وجهين: الأول: اعتقاد ثبوت حكم التحريم فيه وهو كاعتقاد ثبوت حكم التحليل في الحرام محظور يوجب الكفر فلا يمكن صدوره من المعصوم أصلا، والثاني: الامتناع من الحلال مطلقا أو مؤكدا باليمين مع اعتقاد حله وهذا مباح صرف وحلال محض، ولو كان ترك المباح والامتناع منه غير مباح لاستحالت حقيقة الحلال، وما وقع منه صلى الله عليه وسلم كان من هذا النوع وإنما عاتبه الله تعالى عليه رفقا به وتنويها بقدره وإجلالا لمنصبه عليه الصلاة والسلام أن يراعي مرضاة أزواجه بما يشق عليه جريا على ما ألف من لطف الله تعالى به، وتأول بعضهم كلام الزمخشري، وفيه ما ينبو عن ذلك.
وقيل: نسبة التحريم إليه صلى الله عليه وسلم مجاز، والمراد لم تكون سببا لتحريم الله تعالى عليك ما أحل لك بحلفك على تركه وهذا لا يحتاج إليه، وفي وقوع الحلف خلاف، ومن قال به احتج ببعض الأخبار، وبظاهر قوله تعالى:
* (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) *.
* (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) * أي قد شرع لكم تحليلها وهو حل ما عقدته الأيمان بالكفارة، فالتحلة مصدر حلل كتكرمة من كرم، وليس مصدر مقيسا، والمقيس التحليل والتكريم لأن قياس فعل الصحيح العين غير المهموز هو التفعيل، وأصله تحللة فأدغم، وهو من الحل ضد العقد فكأنه باليمين على الشيء لالتزامه عقد عليه وبالكفارة يحل ذلك، ويحل أيضا بتصديق اليمين كما في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يموت لرجل ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم " يعني * (وإن منكم إلا واردها) * الخ، وتحليله بأقل ما يقع عليه الاسم كمن حلف أن ينزل يكفي فيه إلمام خفيف، فالكلام كناية عن التقليل أي قدر الاجتياز اليسير، وكذا يحل بالاستثناء أي بقول الحالف: إن شاء الله تعالى بشرطه المعروف في الفقه.
ويفهم من كلام الكشاف أن التحليل يكون بمعنى الاستثناء ومعناه كما في " الكشف " تعقيب اليمين عند الإطلاق بالاستثناء حتى لا تنعقد، ومنه حلا أبيت اللعن، وعلى القول بأنه كان منه عليه الصلاة والسلام يمين كما جاء في بعض الروايات وهو ظاهر الآية اختلف هل أعطى صلى الله عليه وسلم الكفارة أم لا؟ فعن الحسن أنه عليه الصلاة والسلام لم يعط لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين، وفيه أن غفران الذنب لا يصلح دليلا لأن ترتب الأحكام الدنيوية على فعله عليه الصلاة والسلام ليس من المؤاخذة على الذنب لا يصلح دليلا لأن ترتب الأحكام الدنيوية على فعله عليه الصلاة والسلام ليس من المؤاخذة على الذنب كيف وغير مسلم أنه ذنب، وعن مقاتل أنه صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية، وقد نقل مالك في المدونة عن زيد بن أسلم أنه عليه الصلاة والسلام أعطى الكفارة في تحريمه أم ولده حيث حلف أن لا يقربها، ومثله عن الشعبي، واختلف العلماء في حكم قول الرجل لزوجته: أنت علي حرام. أو الحلال علي حرام ولم يستثن زوجته فقيل: قال جماعة منهم مسروق. وربيعة. وأبو سلمة. والشعبي. وأصبغ: هو كتحريم الماء والطعام لا يلزمه شيء، وقال أبو بكر. وعمر. وزيد. وابن مسعود. وابن عباس. وعائشة. وابن المسيب. وعطاء. وطاوس. وسليمان بن يسار. وابن جبير. وقتادة. والحسن. والأوزاعي. وأبو ثور. وجماعة: هو يمين يكفرها، وابن عباس أيضا في رواية، والشافعي في قول في أحد قوليه: فيه تكفير يمين وليس بيمين، وأبو حنيفة يرى تحريم الحلال يمينا في كل شيء، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه فإذا حرم طعاما فقد حلف على عدم أكله. أو أمة فعلى وطئها. أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم