تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٢٢
وقرأ عبيد عن أبي عمرو. وأبان عن عاصم - ما يسرون وما يعلنون - بياء الغيبة.
* (ألم يأتكم نبؤا الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم) *.
* (ألم يأتكم) * أي أيها الكفرة لدلالة ما بعد على تخصيص الخطاب بهم، وظاهر كلام بعض الأجلة أن المراد بهم أهل مكة فكأنه قيل: ألم يأتكم يا أهل مكة * (نبؤ الذين كفروا من قبل) * كقوم نوح. وهود. وصالح. وغيرهم من الأمم المصرة على الكفرة * (فذاقوا وبال أمرهم) * أي ضرر كفرهم في الدنيا من غير مهلة، وأصل الوبال الثقل والشدة المترتبة على أمر من الأمور، ومنه الوبيل لطعام يثقل على المعدة، والوابل للمطر الثقيل القطار، واستعمل للضرر لأنه يثقل على الإنسان ثقلا معنويا، وعبر عن كفرهم بالأمر للإيذان بأنه أمر هائل وجناية عظيمة * (ولهم) * في الآخرة * (عذاب أليم) * لا يقادر قدره.
* (ذالك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبين‍ات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غنى حميد) *.
* (ذلك) * أي ما ذكر من العذاب الذي ذاقوه في الدنيا وما سيذوقونه في الآخرة * (بأنه) * أي بسبب أن الشأن.
* (كانت تأتيهم رسلهم بالبين‍ات) * بالمعجزات الظاهرة * (فقالو ا) * عطف على * (كانت) *.
* (أبشر يهدوننا) * أي قال كل قوم من أولئك الأقوام الذين كفروا في حق رسولهم الذي أتاهم بالمعجزات منكرين لكون الرسول من جنس البشر، أو متعجبين من ذلك أبشر يهدينا كما قالت ثمود: * (أبشرا منا واحدا نتبعه) * (القمر: 24)، وقد أجمل في الحكاية فأسند القول إلى جميع الأقوام، وأريد بالبشر الجنس، فوصف بالجمع كما أجمل الخطاب، والأمر في قوله تعالى: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) * وارتفاع * (بشر) * على الابتداء، وجملة * (يهدوننا) * هو الخبر عند الحوفي. وابن عطية، والأحسن أن يكون مرفوعا على الفاعلية بفعل محذوف يفسره المذكور لأن همزة الاستفهام أميل إلى الفعل والمادة من باب الاشتغال * (فكفروا) * بالرسل عليهم السلام * (وتولوا) * عن التأمل فيما أتوا به من البينات؛ وعن الإيمان بهم * (واستغنى الله) * أي أظهر سبحانه غناه عن إيمانهم وعن طاعتهم حيث أهلكهم وقطع دابرهم، ولولا غناه عز وجل عنهما لما فعل ذلك، والجملة عطف على ما قبلها، وقيل: في موضع الحال على أن المعنى * (فكفروا وتولوا) * وقد استغنى الله تعالى عن كل شيء، والأول هو الوجه * (والله غني) * عن العالمين فضلا عن إيمانهم وطاعتهم * (حميد) * يحمده كل مخلوق بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال، أو مستحق جل شأنه للحمد بذاته وإن لم يحمده سبحانه حامد.
* (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير) *.
* (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) * الزعم العلم، وأكثر ما يستعمل للادعاء الباطل.
وعن ابن عمر. وابن شريح إنه كنية الكذب، واشتهر أنه مطية الكذب، ولما فيه من معنى العلم يتعدى إلى مفعولين، وقد قام مقامهما هنا * (أن) * المخففة وما في حيزها، والمراد بالموصول على ما في " الكشاف " أهل مكة فهو على ما سمعت في الخطاب من إقامة الظاهر مقام المضمر، ويؤيده ظاهرا قوله تعالى: * (قل بلى وربي لتبعثن) * قال في " الكشف ": ويحتمل التعميم فيتناولهم وأضرابهم لتقدم كفار مكة في الذكر وغيرهم ممن حملوا على الاعتبار بحالهم، وهذا أبلغ أي زعموا أن الشأن لن يبعثوا بعد موتهم * (قل) * ردا عليهم وإظهارا لبطلان زعمهم بإثبات ما نفوه بلى تبعثون، وأكد ذلك بالجملة القسمية فهي داخلة
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»