تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٢٧
ومحنة لأنهم يترتب عليهم الوقوع في الإثم والشدائد الدنيوية وغير ذلك، وفي الحديث " يؤتى برجل يوم القيامة فيقال: أكل عياله حسناته "، وعن بعض السلف العيال سوس الطاعات. وأخرج الإمام أحمد. وأبو داود. والترمذي. والنسائي. وابن ماجه. والحاكم وصححه عن بريدة قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله عليه الصلاة والسلام من المنبر فحملهما واحدا من ذا الشق وواحدا من ذا الشق، ثم صعد المنبر فقال: صدق الله * (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) * إني لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما "، وفي رواية ابن مردويه عن عبد الله بن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب الناس على المنبر خرج حسين بن علي على رسول الله عليهما الصلاة والسلام فوطىء في ثوب كان عليه فسقط فبكى فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فلما رآه الناس سعوا إلى حسين يتعاطونه يعطيه بعضهم بعضا حتى وقع في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قاتل الله الشيطان إن الولد لفتنة، والذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت عن منبري ".
وقيل: إذا أمكنكم الجهاد والهجرة فلا يفتنكم الميل إلى الأموال والأولاد عنهما قال في " الكشف ": الفتنة على هذا الميل إلى الأموال والأولاد دون العقوبة والإثم، وقدمت الأموال قيل: لأنها أعظم فتنة * (كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى) * (العلق: 6، 7)، وأخرج أحمد. والطبراني. والحاكم. والترمذي وصححه عن كعب بن عياض سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال ".
وأخرج نحوه ابن مردويه عن عبد الله بن أوفى مرفوعا؛ وكأنه لغلبة الفتنة في الأموال والأولاد لم تذكر من التبعيضية كما ذكرت فيما تقدم * (والله عنده أجر عظيم) * لمن آثر محبة الله تعالى وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعي في مصالحهم على وجه يخل بذلك.
* (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لانفسكم ومن يوق شح نفسه فأول‍ائك هم المفلحون) *.
* (فاتقوا الله ما استطعتم) * أي ابذلوا في تقواه عز وجل جهدكم وطاقتكم كما أخرجه عبد بن حميد. وابن المنذر عن الربيع بن أنس، وحكي عن أبي العالية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت * (اتقوا الله حق تقاته) * اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تعالى تخفيفا على المسلمين * (فاتقوا الله ما استطعتم) * فنسخت الآية الأولى، وجاء عن قتادة نحو منه، وعن مجاهد المراد أن يطاع سبحانه فلا يعصى، والكثير على أن هذا هو المراد في الآية التي ذكرناها * (واسمعوا) * مواعظه تعالى * (وأطيعوا) * أوامره عز وجل ونواهيه سبحانه * (وأنفقوا) * مما رزقكم في الوجوه التي أمركم بالإنفاق فيها خالصا لوجهه جل شأنه كما يؤذن به قوله تعالى: * (خيرا لأنفسكم) * وذكر ذلك تخصيص بعد تعميم، ونصب * (خيرا) * عند سيبويه على أنه مفعول به لفعل محذوف أي وأتوا خيرا لأنفسكم أي افعلوا ما هو خير لها وأنفع، وهذا تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»