تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٢٥
الخير والطاعة، وقرأ ابن جبير. وطلحة. وابن هرمز. والأزرق عن حمزة - نهد - بنون العظمة.
وقرأ السلمي. والضحاك. وأبو جعفر * (يهد) * بالياء مبنيا للمفعول * (قلبه) * بالرفع على النيابة عن الفاعل، وقرىء كذلك لكن بنصب * (قلبه) *، وخرج على أن نائب الفاعل ضمير * (من) * و * (قلبه) * منصوب بنزع الخافض أي يهد في قلبه، أو يهد إلى قلبه على معنى أن الكافر ضال عن قلبه بعيد منه، والمؤمن واجد له مهتد إليه كقوله تعالى: * (لمن كان له قلب) * (ق: 37) فالكلام من الحذف والإيصال نحو * (اهدنا الصراط المستقيم) *، وفيه جعل القلب بمنزلة المقصد فمن ضل فقد منع منه ومن وصل فقد هدي إليه، وجوز أن يكون نصبه على التمييز بناءا على أنه يجوز تعريفه.
وقرأ عكرمة. وعمرو بن دينار. ومالك بن دينار - يهدأ - بهمزة ساكنة * (قلبه) * بالرفع أي يطمئن قلبه ويسكن الإيمان ولا يكون فيه قلق واضطارب، وقرأ عمرو بن قايد - يهدا - بألف بدلا من الهمزة الساكنة، وعكرمة. ومالك بن دينار أيضا * (يهد) * بحذف الألف بعد إبدالها من الهمزة، وإبدال الهمزة في مثل ذلك ليس بقياس على ما قال أبو حيان، وأجاز ذلك بعضهم قياسا، وبني عليه جواز حذف تلك الألف للجازم، وخرج عليه قول زهير بن أبي سلمى: جرى متى يظلم يعاقب بظلمه * سريعا وأن " لا يبد " بالظلم يظلم أصله يبدأ فأبدلت الهمزة ألفا ثم حذفت للجازم تشبيها بألف - يخشى - إذا دخل عليه الجازم، وقوله تعالى: * (والله بكل شيء) * من الأشياء التي من جملتها القلوب وأحوالها * (عليم) * فيعلم إيمان المؤمن ويهدي قلبه عند إصابة المصيبة؛ فالجملة متعلقة بقوله تعالى: * (ومن يؤمن) * الخ، وجوز أن تكون متعلقة بقوله سبحانه: * (ما أصاب) * الخ على أنها تذييل له للتقرير والتأكيد، وذكر الطيبي أن في كلام الكشاف رمزا إلى أن في الآية حذفا أي فمن لم يؤمن لم يلطف به أو لم يهد قلبه، ومن يؤمن بالله يهد قلبه، وبنى عليه أن المصيبة تشمل الكفر والمعاصي أيضا لورودها عقيب جزاء المؤمن والكافر وإردافها بالأمر الآتي " وأي مصيبة أعظم منهما؟ وهو كما أشار إليه يدفع في نحر المعتزلة.
* (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البل‍اغ المبين) *.
* (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * كرر الأمر للتأكيد والإيذان بالفرق بين الإطاعتين في الكيفية، وتوضيح مورد التولي في قوله تعالى:
* (فإن توليتم) * أي عن إطاعة الرسول، وقوله تعالى: * (فإنما على رسولنا البل‍اغ المبين) * تعليل للجواب المحذوف أقيم مقامه أي فلا بأس عليه إذ ما عليه إلا التبليغ المبين وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه، وإظهار الرسول مضافا إلى نون العظمة في مقام إضماره لتشريفه عليه الصلاة والسلام، والإشعار بمدار الحكم الذي هو كون وظيفته صلى الله عليه وسلم محض البلاغ ولزيادة تشنيع التولي عنه، والحصر في الكلام إضافي.
* (الله لا إل‍اه إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون) *.
* (الله لا إله إلا هو) * الكلام فيها كالكلام في كلمة التوحيد، وقد مر وحلا * (وعلى الله) * أي عليه تعالى خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا * (فليتوكل المؤمنون) * وإظهار الجلالة في موقع الإضمار للإشعار بعلة التوكل. أو الأمر به فإن الألوهية مقتضية للتبتل إليه تعالى بالكلية، وقطع التعلق بالمرة عما سواه من البرية، وذكر بعض الأجلة أن تخصيص المؤمنين بالأمر بالتوكل لأن الإيمان بأن الكل منه تعالى يقتضي التوكل، ومن هنا قيل: ليس في الآيات لمن تأمل في الحث على التوكل أعظم
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»