تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٠٤
وقيل: هو للندب، وأخرج أبو عبيد. وابن المنذر. والطبراني. وابن مردويه عن عبد الله بن بسر الحراني قال: رأيت عبد الله بن بسر المازني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة خرج فدار في السوق ساعة ثم رجع إلى المسجد فصلى ما شاء الله تعالى أن يصلي، فقيل له: لأي شيء تصنع هذا؟ قال: إني رأيت سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم هكذا يصنع وتلا هذه الآية * (فإذا قضيت الصلاة) * الخ.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: إذا انصرفت يوم الجمعة فأخرج إلى باب المسجد فساوم بالشيء وإن لم تشتره، ونقل عنه القول بالندبية وهو الأقرب والأوفق بقوله تعالى:
* (واذكروا الله كثيرا) * أي ذكرا كثيرا ولا تخصوا ذكره عز وجل بالصلاة * (لعلكم تفلحون) * كي تفوزوا بخير الدارين، ومما ذكرنا يعلم ضعف الاستدلال بما هنا على أن الأمر الوارد بعد الحظر للإباحة، واستدل بالآية على تقديم الخطبة على الصلاة وكذا على عدم ندب صلاة سنتها البعدية في المسجد، ولا دلالة فيها على نفي سنة بعدية لها، وظاهر كلام بعض الأجلة أن من الناس من نفى أن للجمعة سنة مطلقا فيحتمل على بعد أن يكون استشعر نفي السنة البعدية من الأمر بالانتشار وابتغاء الفضل، وأما نفي القبلية فقد استند فيه إلى ما روي في الصحيح وقد تقدم من أن النداء كان على عهده عليه الصلاة والسلام إذا جلس على المنبر إذ من المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام إذا كمل الأذان أخذ في الخطبة وإذا أتمها أخذ في الصلاة، فمتى كانوا يصلون السنة؟ وأجيب عن هذا بأن خروجه عليه الصلاة والسلام كان بعد الزوال بالضرورة فيجوز كونه بعد ما كان يصلي الأربع، ويجب الحكم بوقوع الحكم بهذا المجوز لعموم ما صح من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي إذا زالت الشمس أربعا، وكذا يجب في حقهم لأنهم أيضا يعلمون الزوال كالمؤذن بل ربما يعلمونه بدخول الوقت ليؤذن، واستدل بقوله تعالى: * (إذا نودي) * الخ من قال: إنما يجب إتيان الجمعة من مكان يسمع فيه النداء، والمسألة خلافية فقال ابن عمر. وأبو هريرة. ويونس. والزهري: يجب إتيانها من ستة أميال، وقيل: من خمسة، وقال ربيعة: من أربعة، وروي ذلك عن الزهري. وابن المنكدر.
وقال مالك. والليث: من ثلاثة، وفي بحر أبي حيان. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يجب الإتيان على من في المصر سمع النداء أو لم يسمع لا على من هو خارج المصر وإن سمع النداء؛ وعن ابن عمر. وابن المسيب. والزهري. وأحمد. وإسحاق على من سمع النداء، وعن ربيعة على من إذا سمع وخرج من بيته ماشيا أدرك الصلاة، وكذا استدل بذلك من قال بوجوب الإتيان إليها سواء كان إذن عام أم لا، وسواء أقامها سلطان. أو نائبه. أو غيرهما أم لا لأنه تعالى إنما رتب وجوب السعي على النداء مطلقا كذا قيل، وتحقيق الكلام على ذلك كله في كتب الفروع المطولة.
* (وإذا رأوا تج‍ارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قآئما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التج‍ارة والله خير الرازقين) *.
* (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) * أخرج الإمام أحمد. والبخاري. ومسلم. والترمذي. وجماعة عن جابر بن عبد الله قال: " بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما إذ قدمت عير المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلا أنا فيهم. وأبو بكر. وعمر فأنزل الله تعالى: * (وإذا رأوا تجارة) * إلى آخر السورة، وفي رواية ابن مردويه عن ابن عباس أنه بقي في المسجد اثنا عشر رجلا وسبع نسوة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو خرجوا كلهم لاضطرم المسجد عليهم نارا " وفي رواية عن قتادة " والذي نفس محمد بيده لو اتبع آخركم
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»