أو لكم لالتهب الوادي عليكم نارا "، وقيل: لم يبق إلا أحد عشر رجلا، وهم على ما قال أبو بكر: غالب بن عطية العشرة المبشرة. وعمار في رواية. وابن مسعود في أخرى، وعلى الرواية السابقة عدوا العشرة أيضا منهم. وعدوا بلالا. وجابرا لكلامه السابق، ومنهم من لم يذكر جابرا وذكر بلالا. وابن مسعود. ومنهم من ذكر عمارا بدل ابن مسعود، وقيل: لم يبق إلا ثمانية، وقيل: بقي أربعون، وكانت العير لعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى تحمل طعاما، وكان قد أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر.
وأخرج أبو داود في مرسيله عن مقاتل بن حيان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة قدم بتجارة وكان إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف فخرج الناس ولم يظنوا إلا أنه ليس في ترك حضور الخطبة شيء فأنزل الله تعالى: * (وإذا رأوا) * الخ فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة، ولا أظن صحة هذا الخبر، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم لم يزل مقدما خطبتها عليها، وقد ذكروا أنها شرط صحتها وشرط الشيء سابق عليه، ولم أر أحدا من الفقهاء ذكر أن الأمر كان كما تضمنه ولم أظفر بشيء من الأحاديث مستوف لشروط القبول متضمن ذلك، نعم ذكر العلامة ابن حجر الهيتمي أن بعضهم شذ عن الإجماع على كون الخطبة قبلها والله تعالى أعلم، والآية لما كانت في أولئك المنفضين وقد نزلت بعد وقوع ذلك منهم قالوا: إن * (إذا) * فيها قد خرجت عن الاستقبال واستعملت للماضي كما في قوله: وندمان تزيد الكاس طيبا * سقيت " ذا " تغورت النجوم ووحد الضمير لأن العطف بأو واختير ضمير التجارة دون اللهو لأنها الأهم المقصود، فإن المراد باللهو ما استقبلوا به العير من الدف ونحوه، أو لأن الانفضاض للتجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموما فما ظنك بالانفضاض إلى اللهو وهو مذموم في نفسه؟! وقيل: الضمير للرؤية المفهومة من * (رأوا) * وهو خلاف الظاهر المتبادر، وقيل: في الكلام تقدير، والأصل إذا رأوا تجارة انفضوا إليها، أو لهوا انفضوا إليه فحذف الثاني لدلالة الأول عليه، وتعقب بأنه بعد العطف بأو لا يحتاج إلى الضير لكل منهما بل يكفي الرجوع لأحدهما فالتقدير من غير حاجة، وقال الطيبي: يمكن أن يقال: إن * (أو) * في * (أو لهوا) * مثلها في قوله: بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى * وصورتها " أو " أنت في العين أملح فقال الجوهري: يريد بل أنت فالضمير في * (إليها) * راجع إلى اللهو باعتبار المعنى، والسر فيه أن التجارة إذا شغلت المكلف عن ذكر الله تعالى عدت لهوا، وتعد فضلا إن لم تشغله كما في قوله تعالى: * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * انتهى وليس بشيء كما لا يخفى.
وقرأ ابن أبي عبلة - إليه - بضمير اللهو، وقرىء - إليهما - بضمير الاثنين كما في قوله تعالى: * (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما) * (النساء: 135) وهو متأول لأنه بعد العطف بأو لكونها لأحد الشيئين لا يثنى الضمير وكذا الخبر، والحال والوصف فهي على هذه القراءة بمعنى الواو كما فيل به في الآية التي ذكرناها * (وتركوك قائما) * أي على المنبر.
واستدل به على مشروعية القيام في الخطبة وهو عند الحنفية أحد سننها، وعند الشافعية هو شرط في الخطبتين إن قدر عليه، وأخرج ابن ماجه. وغيره عن ابن مسعود أنه سئل أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما أو قاعدا؟