تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٠٠
بكل سبعة أيام. وللنصارى مثل ذلك فهلم فلنجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله تعالى ونشكره، فقالوا: يوم السبت لليهود. ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة بذلك فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغذوا وتعشوا منها وذلك لعامتهم؛ فأنزل الله تعالى في ذلك بعد * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة) * الآية، وكون أسعد هذا أول من جمع مروى عن غير ابن سيرين أيضا، أخرج أبو داود. وابن ماجه. وابن حبان. والبيهقي عن عبد الرحمن بن كعب أن أباه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم على أسعد بن زرارة فقلت: يا أبتاه أرأيت استغفارك لأسعد بن زرارة كلما سمعت الأذان للجمعة ما هو؟ قال: لأنه أول من جمع بنا في نقيع الخضمات من حرة بني بياضة قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلا، وظاهر قول ابن سيرين: فأنزل الله تعالى في ذلك بعد * (يا أيها الذين آمنوا) * الخ أن أسعد أقام الجمعة قبل أن تفرض، وكذا قوله: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة، وفي " فتح القدير " التصريح بذلك، وقال العلامة ابن حجر في " تحفة المحتاج ": فرضت - يعني صلاة الجمعة - بمكة ولم نقم بها لفقد العدد، أو لأن شعارها الإظهار، وكان صلى الله عليه وسلم بها مستخفيا، وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة انتهى، فلعلها فرضت ثم نزلت الآية كالوضوء للصلاة فإنه فرض أولا بمكة مع الصلاة ثم نزلت آيته لكن يعكر على هذا ما أخرجه ابن ماجه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: " إن الله افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة فمن تركها استخفافا بها أو جحودا بها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا ولا صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بر له حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه " فإن الظاهر أن هذه الخطبة كانت في المدينة بل ظاهر الخبر أنها بعد الهجرة بكثير إذ ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام فيه: " لا حج له " أن الحج كان مفروضا إذا ذاك، وهو وإن اختلف في وقت فرضه فقيل: فرض قبل الهجرة، وقيل: أول سنيها، وقيل: ثانيها، وهكذا إلى العاشرة لكن قالوا: إن الأصح أنه فرض في السنة السادسة فإما أن يقدح في صحة الحديث، وإما أن يقال: مفاده افتراض الجمعة إلى يوم القيامة أي بهذا القيد، ويقال: إن الحاصل قبل افتراضها غير مقيد بهذا القيد ثم ما تقدم من كون أسعد أول من جمع بالمدينة يخالفه ما أخرج الطبراني عن أبي مسعود الأنصاري قال: أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب ابن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة جمع بهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجلا.
وأخرج البخاري على ما نقله السيوطي نحوه وكان ذلك بأمره عليه الصلاة والسلام، فقد أخرج الدارقطني عن ابن عباس قال: أذن النبي عليه الصلاة والسلام بالجمعة قبل أن يهاجر ولم يستطع أن يجمع بمكة فكتب إلى مصعب بن عمير: أما بعد فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور فأجمعوا نساءكم وأبناءكم فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله تعالى بركعتين قال: فهو أول من جمع حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجمع عند الزوال من الظهر وأظهر ذلك فلعل ما يدل على كون أسعد أول من جمع أثبت من هذه الأخبار أو يجمع بأن أسعد أول من أقامها بغير أمر منه صلى الله عليه وسلم كما يدل عليه خبر ابن سيرين، وصرح به ابن الهمام. ومصعبا أول من أقامها بأمره عليه الصلاة والسلام، أو بأن مصعبا أول من أقامها في المدينة نفسها وأسعد أول من أقامها في قرية قرب المدينة، وقولهم: في المدينة تسامح، وقال الحافظ ابن حجر: يجمع
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»