(دسر) كسقف وسقف. وأصل الدسر الدفع الشديد بقهر فسمى به المسمار لأنه يدق فيدفع بشدة. وقيل: حبال من ليف تشد بها السفن. وقال الليث: خيوط تشد بها ألواحها، وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة. والحسن أنها مقاديم السفينة وصدرها الذي تضرب به الموج وتدفعه. وروي عن ابن عباس نحوه. وأخرج عن مجاهد أنها عوارض السفينة أي الخشبات التي تعرض في وسطها. وفي رواية عنه هي أضلاع السفينة. وأيا ما كان فقوله تعالى: * (ذات ألواح ودسر) * من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات على سبيل الكناية كقولهم: حي مستوى القامة عريض الأظفار في الكناية عن الإنسان وهو من فصيح الكلام وبديعه. ونظير الآية قول الشاعر: مفرشي صهوة الحصان ولكن * (قميصي) مسرودة من حديد فإنه أراد قميصي درع. وقوله يصف هزال الإبل: تراءى الهافي كل عين مقابل * ولو في (عيون النازيات بأكرع) فإنه أراد في عيون الجراد لأن النزو بالأكرع يختص بها. وأما كونه على حذف الموصوف لدلالة الصفة عليه على ما في المفصل وغيره فكلام نحوى.
* (تجرى بأعيننا جزآء لمن كان كفر) *.
* (تجري بأعيننا) * بمرأى منا. وكني به عن الحفظ أي تجري في ذلك الماء بحفظنا وكلاءتنا، وقيل: بأوليائنا يعني نوحا عليه السلام ومن آمن معه يقال: مات عين من عيون الله تعالى أي ولي من أوليائه سبحانه، وقيل: بأعين الماء التي فجرناها، وقيل: بالحفظة من الملائكة عليهم السلام سماهم أعينا وأضافهم إليه جل شأنه والأول أظهر، وقرأ زيد بن علي. وأبو السمال - بأعينا - بالادغام.
* (جزاء لمن كان كفر) * أي فعلنا ذلك جزاءا لنوح عليه السلام فإنه كان نعمة أنعمها الله تعالى على قومه فكفروها وكذا كل نبي نعمة من الله تعالى على أمته، وجوز أن يكون على حذف الجاء وإيصال الفعل إلى الضمير واستتاره في الفعل بعد انقلابه مرفوعا أي لمن كفر به وهو نوح عليه السلام أيضا أي جحدت نبوته، فالكفر عليه ضد الإيمان، وعلى الأول كفران النعمة، وعن ابن عباس. ومجاهد من يراد به الله تعالى كأنه قيل: غضبا وانتصارا لله عز وجل وهو كما ترى، وقرأ مسلمة بن محارب - كفر - بإسكان الفاء خفف فعل كما في قوله: لو عصر منه البان والمسك (انعصر) وقرأ يزيد بن رومان. وقتادة. وعيسى * (كفر) * مبنيا للفاعل فمن يراد بها قوم نوح عليه السلام لا غير، وفي هذه القراءة دليل على وقوع الماضي بغير قد خبرا لكان وهو مذهب البصريين وغيرهم يقول لا بد من وقوع قد ظاهرة أو مقدرة، وجوز أن تكون * (كان) * زائدة كأنه قيل: جزءا لمن * (كفر) * ولم يؤمن.
* (ولقد تركناها ءاية فهل من مدكر) *.
* (ولقد تركناها) * أي أبقينا السفينة * (ءاية) * بناءا على ما روي عن قتادة. والنقاش أنه بقي خشبها على الجودي حتى رآه بعض أوائل هذه الأمة، أو أبقينا خبرها، أو أبقينا جنسها وذلك بإبقاء السفن، أو - تركنا - بمعنى جعلنا، وجوز كون الضمير للفعلة وهي إنجاء نوح عليه السلام ومن معه وإغراق الكافرين * (فهل من مدكر) * أي معتبر بتلك الآية الحرية بالاعتبار، وقرأ قتادة على ما نقل ابن عطية - مذكر - بالذال المعجمة على قلب تار الافتعال ذالا وإدغام الذال في الذال، وقال صاحب اللوامح: قرأ قتادة فهل من - مذكر - بتشديد الكاف من التذكير أي من يذكر نفسه أو غيره بها، وقرىء مذتكر بذال معجمة بعدها تاء الافتعال كما هو الأصل.
* (فكيف كان عذابى ونذر) *.
* (فكيف كان عذابي ونذر) * استفهام تعظيم وتعجيب أي كانا على كيفية هائلة