تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠٦
أورد عليه أنه لا يوافق قوله تعالى: * (مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) * (الفرقان: 53) والقرآن يفسر بعضه بعضا، وعليه قيل: جملة * (يلتقيان) * حال مقدرة إن كان المراد - إرسالهما إلى المحيط، أو المعنى اتحاد أصليهما إن كان المراد إرسالهما إليه.
* (بينهما برزخ لا يبغيان) *.
* (بينهما برزخ) * أي حاجز من قدرة الله تعالى، أو من أجرام الأرض كما قال قتادة * (لا يبغيان) * أي لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية بالكلية بناءا على الوجه الأول فيما سبق، أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما بناءا على الوجه الثاني، وروى هذا عن قتادة أيضا، وفي معناه ماأخرجه عبد الرزاق. وابن المنذر عن الحسن * (لا يبغيان) * عليكم فيغرقانكم، وقيل: المعنى لا يطلبان حالا غير الحال التي خلقا عليها وسخرا لها.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * مما لكما في ذلك من المنافع.
* (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) *.
* (يخرج منهما اللؤلؤ) * صغار الدر * (والمرجان) * كباره كما أخرج ذلك عبد بن حميد. وابن جرير عن علي كرم الله تعالى وجهه. ومجاهد، وأخرجه عبد عن الربيع. وجماعة منهم المذكوران. وابن المنذر. وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس، وأخرج ابن جرير عنه أنه قال: * (اللؤلؤ) * ما عظم منه * (والمرجان) * اللؤلؤ الصغار. وأخرج هو. وعبد الرزاق. وعبد بن حميد عن قتادة نحوه، وكذا أخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن مجاهد، وأظن أنه إن اعتبر في اللؤلؤ معنى التلألؤ واللمعان وفي المرجان معنى المرج والاختلاط فالأوفق لذلك ما قيل: ثانيا فيهما، وأخرج عبد الرزاق. والفريابي. وعبد بن حميد. وابن جرير. وابن المنذر. والطبري عن ابن مسعود أنه قال: - المرجان - الخرز الأحمر أعني البسذ وهو المشهور المتعارف، و * (اللؤلؤ) * عليه شامل للكبار والصغار، ثم إن اللؤلؤ بناء غريب قيل: لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة هو، والجؤجؤ الصدر وقرية بالبحرين، والدؤدؤ آخر الشهر أو ليلة خمس وست وسبع وعشرين. أو ثمان وتسع وعشرين. أو ثلاث ليال من آخره، والبؤبؤ بالباء الموحدة الأصل. والسيد الظريف. ورأس المكحلة. وإنسان العين. ووسط الشيء، واليؤيؤ بالياء آخر الحروف طائر كالباشق، ورأيت في كتب اللغة على هذا البناء غيرها وهو الضؤضؤ الأضل للطائر. والنؤنؤ بالنون المكثر تقليب الحدقة. والعاجز الجبان، ومن ذلك شؤشؤ دعاء الحمار إلى الماء وزجر الغنم والحمار للمضي. أو هو دعاء للغنم لتأكل، أو تشرب. وأما المرجان فقد ذكره " صاحب القاموس " في مادة - مرج - ولم يذكر ما يفهم منه أنه معرب، وقال أبو حيان في " البحر ": هو اسم أعجمي معرب. وقال ابن دريد: لم أسمع فيه بفعل متصرف.
وقرأ طلحة - اللؤلؤ - بكسر اللام الأخيرة. وقرء اللؤلى بقلب الهمزة المتطرفة ياءا ساكنة بعد كسر ما قبلها وكل من ذلك لغة. وقرأ نافع. وأبو عمرو * (يخرج) * مبنيا للمفعول من الإخراج، وقرىء * (يخرج) * مبنيا للفاعل منه ونصب * (اللؤلؤ والمرجان) * أي يخرج الله تعالى. واستشكلت الآية على تفسير البحرين بالعذب والملح دون بحري فارس والروم بأن المشاهد خروج * (اللؤلؤ والمرجان) * من أحدهما وهو الملح. فكيف قال سبحانه: * (منهما) *؟ وأجيب بأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميعه ولكن من بعضه، وكما تقول خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله بل من دار واحدة من دوره، وقد ينسب إلى الإثنين ما هو لأحدهما كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واد منهم. ومثله على ما في الانتصاف * (على رجل من القريتين عظيم) * (الزخرف: 31) وعلى ما نقل عن الزجاج
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»