من الأمم السالفة، وأصله جمع شيعة وهم من يتقوى بهم المرء من الأتباع ولما كانوا في الغالب من جنس واحد أريد به ما ذكر إما باستعماله في لازمه، أو بطريق الاستعارة، والحال قرينة على ذلك، وقيل: هو باق على حقيقته أي أتباعكم * (فهل من مدكر) * متعظ بذلك.
* (وكل شىء فعلوه فى الزبر) *.
* (وكل شيء فعلوه) * من الكفر والمعاصي، والضمير المرفوع للأشياع كما روى عن ابن عباس. والضحاك. وقتادة. وابن زيد، وجملة * (فعلوه) * صفة * (شيء) * والرابط ضمير النصب، وقوله تعالى: * (في الزبر) * متعلق بكون خاص خبر المبتدا أي كل شيء فعلوه في الدنيا مكتوب في كتب الحفظة غير مغفول عنه، وتفسير * (الزبر) *. اللوح المحفوظ كما حكاه الطبرسي ليس بشيء، ولم يختلف القراء في رفع * (كل) * وليست الآية من باب الاشتغال فلا يجوز النصب لعدم بقاء المعنى الحاصل بالرفع لو عمل المشتغل بالضمير في الاسم كما هو اللازم في ذلك الباب إذ يصير المعنى ههنا حينئذ فعلوا * (في الزبر) * كل شيء إن علقنا الجار - بفعلوا وهم لم يفعلوا شيئا من أفعالهم في الكتب بل فعلوها في أماكنهم والملائكة عليهم السلام كتبوها عليهم في الكتب، أو فعلوا كل شيء مكتوب * (في الزبر) * إن جعلنا الجار نعتا لكل شيء، وهذا وإن كان معنى مستقيما إلا أنه خلاف المعنى المقصود حالة الرفع وهو ما تقدم آنفا.
* (وكل صغير وكبير مستطر) *.
* (وكل صغير وكبير) * من الأعمال كما روى عن ابن عباس. ومجاهد وغيرهما، وقيل: منها ومن كل ما هو كائن إلى يوم القيامة * (مستطر) * مسطور مكتتب في اللوح بتفاصيله وهو من السطر بمعنى الكتب، ويقال: سطرت واستطرت بمعنى، وقرأ الأعمش. وعمران. وعصمة عن أبي بكر عن عاصم * (مستطر) * بتشديد الراء، قال " صاحب اللوامع ": يجوز أن يكو من - طر - النبات والشارب إذا ظهر، والمعنى كل * (صغير وكبير) * ظاهر في اللوح مثبت فيه ويجوز أن يكون من الاستطار لكن شدد الراء للوقف على لغة من يقول - جعفر ويفعل - بالتشديد وقفا أي ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ووزنه على التوجيه الأول مستفعل وعلى الثاني مفتعل، ولما كان بيان حال سوء الكفرة بقوله تعالى: * (إن المجرمين) * الخ مما يستدعي بيان حسن حال المؤمنين ليتكافأ الترهيب والترغيب بين سبحانه ما لهم من حسن الحال بطريق الاجمال فقال عز قائلا:
* (إن المتقين فى جنات ونهر) *.
* (إن المتقين) * أي من الكفر والمعاصي، وقيل: من الكفر.
* (في جنات) * عظيمة الشأن * (ونهر) * أي أنهار كذلك، والإفراد للاكتفاء باسم الجنس مراعاة للفواصل، وعن ابن عباس تفسيره بالسعة، وأنشد عليه قول لبيد بن ربيعة - كما في " الدر المنثور " - أو قيس بن الخطيب - كما في " البحر " - يصف طعنة: ملكت بها كفي (فأنهرت) فتقها * يرى قائم من دونها ما وراءها أي أوسعت فتقها، والمراد بالسعة سعة المنازل على ما هو الظاهر، وقيل: سعة الرزق والمعيشة، وقيل: ما يعمهما.
وأخرج الحكيم والترمذي في " نوادر الأصول " عن محمد بن كعب قال: * (ونهر) * أي في نور وضياء وهو على الاستعارة بتشبيه الضياء المنتشر بالماء المتدفق من منبعه، وجوز أن يكون بمعنى النهار على الحقيقة، والمراد أنهم لا ظلمة ولا ليل عندهم في الجنات، وقرأ الأعرج. ومجاهد. وحميد. وأبو السمال. والفياض بن غزوان * (ونهر) * بسكون الهاء، وهو بمعنى * (نهر) * مفتوحها، وقرأ الأعمش. وأبو نهيك. وأبو مجلز. واليمانى * (ونهر) * بضم النون والهاء، وهو جمع نهر المفتوح أو الساكن - كأسد وأسد، ورهن ورهن - وقيل: جمع نهار، والمراد أنهم لا ظلمة ولا ليل