تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠٧
* (سبع سموات طباقا * وجعل القمر فيهن نورا) * (نوح: 15، 16)، وقيل: إنهما لا يخرجان إلا من ملتقى العذب والملح ويرده المشاهدة وكأن من ذكره مع ما تقدم لم يذكره لكونه قولا آخر بل ذكره لتقوية الاتحاد فحينئذ تكون علاقة التجوز أقوى.
وقال أبو علي الفارسي: هذا من باب حذف المضاف والتقدير يخرج من أحدهما وجعل * (من القريتين) * من ذلك. وهو عندي تقدير معنى لا تقدير إعراب. وقال الرماني: العذب منهما كاللقاح للملح فهو كما يقال الولد يخرج من الذكر والإنثى أي بواسطتهما، وقال ابن عباس، وعكرمة: تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر لأن الأصداف في شهر نيسان تتلقى ماء المطر بأفواهها فتتكون منه، ولذا تقل في الجدب، وجعل عليه ضمير * (منهما) * للبحرين باعتبار الجنس ولا يحتاج إليه بناءا على ما أخرجه ابن جرير عنه أن المراد بالبحرين بحر السماء وبحر الأرض.
وأخرج هو. وابن المنذر عن ابن جبير نحوه إلا أن في تكون المرجان بناءا على تفسيره بالبسذ من ماء المطر كاللؤلؤ ترددا وإن قالوا: إنه يتكون في نيسان، وقال بعض الأئمة: ظاهر كلام الله تعالى أولى بالاعتبار من كلام الناس، ومن علم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب وهب أن الغواصين ما أخرجوه إلا من الملح، ولكن لم قلتم أن الصدف لا يخرج بأمر الله تعالى من الماء العذب إلى الماء الملح فإن خروجه محتمل تلذذا بالملوحة كما تلتذ المتوحمة بها في أوائل حملها حتى إذا خرج لم يمكنه العود، وكيف يمكن الجزم بما قلتم وكثير من الأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد فكيف لا يخفى أمر ما في قعر البحر عليهم، والله تعالى أعلم. ومن غريب التفسير: ما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال: * (مرج البحرين يلتقيان) * (الرحمان: 19) علي. وفاطمة رضي الله تعالى عنهما * (بينهما برزخ لا يبغيان) * النبي صلى الله عليه وسلم * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما.
وأخرج عن إياس بن مالك نحوه لكن لم يذكر فيه البرزخ، وذكر الطبرسي من الأمامية في تفسيره " مجمع البيان " الأول بعينه عن سلمان الفارسي. وسعيد بن جبير. وسفيان الثوري، والذي أراه أن هذا إن صح ليس من التفسير في شيء بل هو تأويل كتأويل المتصوفة لكثير من الآيات، وكل من علي. وفاطمة رضي الله تعالى عنهما عندي أعظم من البحر المحيط علما وفضلا، وكذا كل من الحسنين رضي الله تعالى عنهما أبهى وأبهج من اللؤلؤ والمرجان بمراتب جاوزت حد الحسبان.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * مما في ذلك من الزينة والمنافع الجليلة فقد ذكر الأطباء أن * (اللؤلؤ) * يمنع الخفقان. والبحر. وضعف الكبد. والكلى. والحصى. وحرقة البول. والسدد. واليرقان. وأمراض القلب. والسموم. والوسواس. والجنون. والتوحش. والربو شربا. والجذام. والبرص. والبهق. والآثار مطلقا بالطلي إلى غير ذلك، وأن المرجان أعني البسذ يفرح ويزيل فساد الشهوة ولو تعليقا. ونفث الدم. والطحال شربا. والدمعة. والبياض. والسلاق. والجرب كحلا إلى غير ذلك مما هو مذكور في كتبهم.
* (وله الجوار المنشئات فى البحر ك الاعل‍ام) *.
* (وله الجوار) * السفن جمع جارية وخصها سبحانه بأنها له وهو تعالى له ملك السموات والأرض وما فيهن للإشارة إلى أن كونهم هم منشئيها لا يخرجها من ملكه عز وجل حيث كان تمام منفعتها إنما هو منه عز وجل، وقرأ عبد الله. والحسن. وعبد الوارث عن أبي عمرو - الجوار -
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»