تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠٨
بإظهار الرفع على الراء لأن المحذوف لما تناسوه أعطوا ما قبل الآخر حكمه كما في قوله: لها ثنايا أربع حسان * وأربع فكلها (ثمان) * (المنشئات) * أي المرفوعات الشرع - كما قال مجاهد - من أنشأه بمعنى رفعه، وقيل: المرفوعات على الماء وليس بذاك، وكذا ما قيل المصنوعات، وقرأ الأعمش. وحمزة. وزيد بن علي. وطلحة. وأبو بكر بخلاف عنه * (المنشآت) * بكسر الشين أي الرافعات الشرع، أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهن، أو اللاتي ينشئن السير إقبالا وإدبار، وفي الكل مجاز، وشدد الشين ابن أبي عبلة، وقرأ الحسن * (المنشآت) * وحد الصفة ودل على الجمع الموصوف كقوله تعالى: * (أزواج مطهرة) * (البقرة: 25) وقلب الهمزة ألفا على حد قوله: إن السباع (لتهدا) في مرابضها يريد لتهدأ والتاء لتأنيث الصفة كتبت تاءا على لفظها في الأصل * (في البحر كالأعل‍ام) * كالجبال الشاهقة جمع علم وهو الجبل الطويل.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * من خلق مواد السفن والإرشاد إلى أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر بأسباب لا يقدر على خلقها وجمعها وترتيبها غيره سبحانه وتعالى:
* (كل من عليها فان) *.
* (كل من عليها) * أي على الأرض التي وضعت للأنام من الحيوانات والمركبات و * (من) * للتغليب؛ أو للثقلين * (فان) * هالك.
* (ويبقى وجه ربك ذو الجل‍ال والإكرام) *.
* (ويبقى وجه ربك) * أي ذاته عز وجل، والمراد هو سبحانه وتعالى، فالإضافة بيانية وحقيقة الوجه في الشاهد الجارحة واستعماله في الذات مجاز مرسل كاستعمال الأيدي في الأنفس، وهو مجاز شائع، وقيل: أصله الجهة واستعماله في الذات من باب الكناية وتفسيره بالذات هنا مبني على مذهب الخلف القائلين بالتأويل، وتعيين المراد في مثل ذلك دون مذهب السلف، وقد قررناه لك غير مرة فتذكره وعض عليه بالنواجذ.
والظاهر أن الخطاب في - ربك - للرسول صلى الله عليه وسلم وفيه تشريف عظيم له عليه الصلاة والسلام، وقيل: هو للصالح له لعظم الأمر وفخامته، وفي الآية عند المؤولين كلام كثير منه ما سمعت، ومنه ما قيل: الوجه بمعنى القصد ويراد به المقصود، أي ويبقى ما يقصد به ربك عز وجل من الأعمال، وحمل كلام من فسره بالعمل الصالح على ذلك وفيه ما فيه، وأقرب منه ما قيل: وجهه تعالى الجهة التي أمرنا عز وجل بالتوجه إليها والتقرب بها إليه سبحانه، ومرجع ذلك العمل الصالح أيضا والله جل شأنه يبقيه للعبد إلى أن يجازيه عليه ولذا وصف بالبقاء؛ أو لأنه بالقبول صار غير قابل للفناء لما أن الجزاء عليه قام مقامه وهو باق، ولا يخفى أن كلا القولين غير مناسب للتعليم في * (كل من عليها) * وقيل: وجهه سبحانه الجهة التي يليها الحق أي يتولاها بفضله ويفيضها على الشيء من عنده أي إن ذلك باق دون الشيء في حد ذاته فإنه فان في كل وقت، وقيل: المراد بوجهه سبحانه وجهه الممكن وهي جهة حيثية ارتباطه وانتسابه إليه تعاطى، والإضافة لأدنى ملابسة فالممكن في حد ذاته أي إذا اعتبر مستقلا غير مرتبط بعلته أعني الوجود الحق كان معدوما لأن ظهوره إنما نشأ من العلة ولولاها لم يك شيئا مذكورا، وقول العلامة البيضاوي: لو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها إلا وجه الله تعالى أي الوجه الذي يلي جهته سبحانه محمول على ذلك عند بعض المحققين وإن كان قد فسر الوجه قبل بالذات، وللعلماء في تقرير كلامه اختلاف، فمنهم من يجعل قوله: لو استقريت الخ تتمة لتفسيره الأول،
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»