تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠٥
حذف منه المضاف إليه وأبدل منه * (آلاء ربكما) * بدل معرفة من نكرة.
* (خلق الإنس‍ان من صلص‍ال ك الفخار) *.
* (خلق الأنس‍ان من صلص‍ال ك الفخار) * تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بمواجب شكر النعمة المتعلقة بذاتي كل واحد من الثقلين، والمراد بالإنسان آدم عند الجمهور. وقيل: الجنس وساغ ذلك لأن أباهم مخلوق مما ذكر، والصلصال الطين اليابس الذي له صلصلة، وأصله - كما قال الراغب - تردد الصوت من الشيء اليابس. ومنه قيل: صل المسمار، وقيل: هو المنتن من الطين من قولهم: صل اللحم، وكأنه أصله صلال فقلبت إحدى اللامين صادا ويبعد ذلك قوله سبحانه: * (كالفخار) * وهو الخذف أعني ما أحرق من الطين حتى تحجر وسمي بذلك لصوته إذا نقر كأنه تصور بصورة من يكثر التفاخر، وقد خلق الله تعالى آدم عليه السلام من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا ثم صلصالا فلا تنافي بين الآية الناطقة بأحدها وبين ما نطق بأحد الآخرين * (وخلق الجان) * هو أبو الجن وهو إبليس قاله الحسن، وقال مجاهد: هو أبو الجن وليس بإبليس، وقيل: هو اسم جنس شامل للجن كلهم.
* (وخلق الجآن من مارج من نار) *.
* (من مارج) * من لهب خالص لا دخان فيه - كما هو رواية عن ابن عباس - وقيل: هو اللهب المختلط بسواد النار، أو بخضرة وصفرة وحمرة - كما روى عن مجاهد - من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط، و * (من) * لابتداء الغاية، وقوله تعالى: * (من نار) * بيان لمارج والتنكير للمطابقة ولأن التعريف لكنه عليه فكأنه قيل: خلق من نار خالصة، أو مختلطة على التفسيرين، وجوز جعل * (من) * فيه ابتدائية فالتنكير لأنه أريد نار مخصوصة متميزة من بين النيران لا هذه المعروفة، وأيا ما كان فالمارج بالنسبة إلى الجان كالتراب بالنسبة إلى الإنسان، وفي الآية رد على من يزعم أن الجن نفوس مجردة.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * مما أفاض عليكم في تضاعيف خلقكما من سوابغ النعم.
* (رب المشرقين ورب المغربين) *.
* (رب المشرقين ورب المغربين) * خبر مبتدأ محذوف أي هو رب الخ، أو الذي فعل ما ذكر من الأفاعيل البديعة - رب مشرقي الشمس صيفا وشتاءا ومغربيها - كذلك على ما أخرجه جماعة عن ابن عباس، وروى عن مجاهد. وقتادة. وعكرمة أن * (المشرقين) * مشرقا الشتاء ومشرق الصيف، و * (المغربين) * مغرب الشتاء ومغرب الصيف بدون ذكر الشمس، وقيل: المشرقان مشرقا الشمس والقمر، والمغربان مغرباهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن * (المشرقين) * مشرق الفجر ومشرق الشفق، و * (المغربين) * مغرب الشمس ومغرب الشفق، وحكى أبو حيان في المغربين نحو هذا، وفي المشرقين أنهما مطلع الفجر ومطلع الشمس والمعول ما عليه الأكثرون من مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما، ومن قضية ذلك أن يكون سبحانه رب ما بينهما من الموجودات، وقيل: * (رب) * مبتدأ والخبر قوله تعالى: * (مرج) * الخ، وليس بذاك.
وقرأ أبو حيوة. وابن أبي عبلة * (رب) * بالجر على أنه بدل من ربكما.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءلاء ربكما تكذبان) * مما في ذلك من فوائد لا تحصى كاعتدال الهواء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كل فصل في وقته.
* (مرج البحرين يلتقيان) *.
* (مرج البحرين) * أي أرسلهما وأجراهما من - مرجت - الدابة - في المرعى - أرسلتها فيه، والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب * (يلتقيان) * أي يتجاوران وتتماس سطوحهما لا فصل بينهما في مرأى العين، وقيل: أرسل بحري فارس والروم يتلقيان في المحيط لأنهما خليجان ينشعبان منه، وروى هذا عن قتادة لكنه
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»