تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١١١
يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين " زاد البزار * (ويجيب داعيا) *، وقيل: إن لله تعالى في كل يوم ثلاث عساكر. عسكر من الاصلاب إلى الأرحام. وعسكر من الأرحام إلى الدنيا. وعسكر من الدنيا إلى القبور، والظاهر أن المراد بيان كثرة شؤونه تعالى في الدنيا فكل يوم على معنى كل وقت من أوقات الدنيا.
وقال ابن عيينة: الدهر عند الله تعالى يومان، أحدهما: اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء. وثانيهما: اليوم الذي هو يوم القيامة فشأنه سبحانه فيه الجزاء والحساب، وعن مقاتل إن الآية نزلت في اليهود قالوا: إن الله تعالى لا يقضي يوم السبت شيئا فرد عز وجل عليهم بذلك، وسأل عبد الله بن طاهر الحسين بن الفضل عن الجمع بين هذه الآية وما صح من أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال: شؤون يبديها لا شؤون يبتديها، وانتصب * (كل يوم) * على الظرف، والعامل فيه هو العامل في قوله تعلى: * (في شأن) *، و * (هو) * ثابت المحذوف: فكأنه قيل هو ثابت في شأن كل يوم.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فباى ءالاء ربكما تكذبان) * مما يسعف به سؤالكما وما يخرج لكما بيديه من مكمن العدم حينا فحينا.
* (سنفرغ لكم أيها الثقلان) *.
* (سنفرغ لكم) * الفراغ في اللعنة يقتضي سابقة شغل.
والفراغ للشيء يقتضي لاحقيته أيضا، والله سبحانه لا يشغله شأن عنشأن فجعل انتهاء الشؤون المشار إليها بقوله تعالى: * (كل يوم هو شأن) * (الرحمان: 29) يوم القيامة إلى واحد هو جزاء المكلفين فراغا لهم على سبيل التمثيل لأن من ترك أشغاله إلى شغل واحد يقال: فرغ له وإليه فشبه حال هؤلاء - وأخذه تعالى في جزائهم فحسب - بحال من فرغ له، وجازت الاستعارة التصريحية التبعية في * (سنفرغ) * بأن يكون المراد سنأخذ في جزائكم فقط الاشتراك الأخذ في الجزاء فقط، والفراغ عن جميع المهام إلى واحد في أن المعنى به ذلك الواحد، وقيل: المراد التوفر في الانتقام والنكاية، وذلك أن الفراغ للشيء يستعمل في التهديد كثيرا كأنه فرغ عن كل شيء لأجله فلم يبق له شغل غيره فيدل على التوفر المذكور، وهو كناية فيمن يصح عليه، ومجاز في غير كالذي نحن فيه، ولعل مراد ابن عباس. والضحاك بقولهما - كما أخرج ابن جرير عنهما - هذا وعيد من الله تعالى لعباده ما ذكر، والخطاب عليه قيل: للمجرمين، وتعقب بأن النداء الآتي يأباه، نعم المقصود بالتهديد هم، وقيل: لا مانع من تهديد الجميع، ثم إن هذا التهديد إنما هو بما يكون يوم القيامة، وقول ابن عطية: يحتمل أن يكون ذلك توعدا بعذاب الدنيا مما لا يكاد يلتفت إليه، وقيل: إن فرغ يكون بمعنى قصد، واستدل عليه بما أنشده ابن الأنباري لجرير: ألان وقد (فرغت) إلى نمير * فهذا حين كنت لهم عذابا أي قصدت، وأنشد النحاس: فرغت إلى العبد المقيد في الحجل * وفي الحديث " لأتفرغن لك يا خبيث " قال صلى الله عليه وسلم مخاطبا به أزب العقبة يوم بيعتها أي لأقصدن إبطال أمرك، ونقل هذا عن الخليل. والكسائي. والفراء، والظاهر أنهم حملوا ما في الآية على ذلك، فالمراد حينئذ تعلق الإرادة تعلقا تنجيزيا بجزائهم، وقرأ حمزة. والكسائي. وأبو حيوة. وزيد بن علي - سيفرغ - بياء الغيبة، وقرأ قتادة. والأعرج * (سنفرغ) * بنون العظمة. وفتح الراء مضارع فرغ بكسرها - وهو لغة تميم - كما أن * (سنفرغ) * في قراءة الجمهور مضارع فرغ بفتحها لغة الحجاز، وقرأ أبو السمال. وعيسى * (سنفرغ) * بكسر النون وفتح الراء وهي - على ما قال أبو حاتم - لغة سفلى مضر، وقرأ الأعمش. وأبو حيوة بخلاف عنهما. وابن أبي عبلة. والزعفراني
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»