تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١١٧
فقال: سمعت أبا الدرداء رضي الله تعالى عنه يقرؤها كذلك فأنا أقرؤها كذلك حتى أموت، وصرح بعضهم أن المراد بالخوف في الآية أشده فتأمل. وجاء من شأن هاتين الجنتين من حديث عياض بن غنم مرفوعا " إن عرض كل واحدة منهما مسيرة مائة عام " والآية على ما روي عن ابن الزبير. وابن شوذب نزلت في أبي بكر.
وأخرج ابن أبي حاتم. وأبو الشيخ في العظمة عن عطاء أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ذكر ذات يوم وفكر في القيامة. والموازين. والجنة. والنار. وصفوف الملائكة. وطي السموات. ونسف الجبال وتكوير الشمس. وانتثار الكواكب فقال: وددت أني كنت خضرا من هذه الخضر تأتي على بهيمة فتأكلني وأني لم أخلق فنزلت: * (ولمن خاف مقام ربه جنتنان) *.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان * ذواتآ أفنان) *.
* (فبأي ءالآء ربكما تكذبان * ذواتا افنان) * صفة لجنتان وما بينهما اعتراض وسط بينهما تنبيها على أن تكذيب كل من الموصوف والصفة موجب للإنكار والتوبيخ، وجوز أن يكون خبر مبتدأ مقدر أي هما ذواتا، وأيا ما كان فهو تثنية - ذات - بمعنى صاحبة فإنه إذا ثنى فيه لغتان ذاتا على لفظه وهو الأقيس كما يثنى مذكره ذوا، والأخرى * (ذواتا) * برده إلى أصله فإن التثنية ترد الأشياء إل أصولها، وقد قالوا: أصل ذات ذوات لكن حذفت الواو تخفيفا؛ وفرقا بين الواحد والجمع ودلت التثنية ورجوع الواو فيها على أصل الواحد وليس هو تثنية الجمع كما يتوهم وتفصيله في باب التثنية من شرح التسهيل، والأفنان إما جمع فن بمعنى النوع ولذا استعمل في العرف بمعنى العلم أي ذواتا أنواع من الأشجار والثمار، وروي ذلك عن ابن عباس. وابن جبير. والضحاك، وعليه قول الشاعر: ومن كل (أفنان) اللذاذة والصبا * لهوت به والعيش أخضر ناضر وإما جمع فنن وهو ما دق ولأن من الأغصان كما قال ابن الجوزي، وقد يفسر بالغصن، وحمل على التسامح وتخصيصها بالذكر مع أنها ذواتا قصب وأوراق وثمار أيضا لأنها هي التي تورق وتثمر. فمنها تمتد الظلال. ومنها تجني الثمار ففي الوصف تذكير لهما فكأنه قيل: * (ذواتا) * ثمار وظلال لكن على سبيل الكناية وهي أخصر وأبلغ، وتفسيره بالأغصان على أنه جمع غنن مروى عن ابن عباس أيضا، وأخرجه ابن جرير عن مجاهد قال أبو حيان: وهو أولى لأن أفعالا في فعل أكثر منه في فعل بسكوت العين كفن، ويجمع هو على فنون.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان * فيهما عينان تجريان) *.
* (فبأي ءالآء ربكما تكذبان * فيهما عينان تجريان) * صفة أخرى لجنتان أو خبر ثان للمبتدأ المقدر أي في كل منهما عين تجري بالماء الزلال تسمى إحدى العينين بالتسليم، والأخرى بالسلسبيل، وروي هذا عن الحسن، وقال عطية العوفي: * (عينان) * إخداهما من ماء غير آسن، والأخرى من خمر لذة للشاربين، وقيل: * (عينان) * من الماء * (تجريان) * حيث شاء صاحبهما من الأعالي والأسافل من جبل من مسك، وعن ابن عباس * (عينان) * مثل الدنيا أصعافا مضاعفة * (تجريان) * بالزيادة والكرامة على أهل الجنة.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فباي ءالآء ربكما تكذبان * فيهما من كل فاكهة زوجان) * صنفان معروف وغريب لم يعرفوه في الدنيا، أو رطب ويابس ولا يقصر يابسه عن رطبه في الفضل والطيب، وأخرج عبد بن حميد. وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال ابن عباس في هذه الآية: ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل، ونقل هذا في البحر عن ابن عباس أيضا بزيادة إلا أنه حلو، والجملة كالجملة التي قبلها.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان * متكئين على فرش بطآئنها من إستبرق وجنى الجنتين دان) *.
* (فباي ءالآء ريكما تكذبان * متكئين) * حال من قوله تعالى: - ولمن خاف - وجمع رعاية للمعنى بعد الافراد
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»